وفي هذه السنة تولى القاضي جمال الدين محمد بن الفقيه رضي الدين أبي بكر بن محمد بن عمر اليحيوي قضاء الأقضية. وكان السلطان يعظمه إكراماً لأبيه. وكان عمره يومئذ عشرين سنة.
وفي هذه السنة توفي الفقيه الإمام العلامة أبو الحسن علي بن الفقيه إبراهيم ابن محمد بن حسين البجلي. وكان مولده سنة ثلاث وقيل سنة أربع وثلاثين وستمائة. وكان رجلاً مباركاً مشهوراً بجودة الفقه وكرم النفس وحسن الأخلاق. تفقه في بدايته بعمه إسماعيل ثم ارتحل إلى بيت حسين فأكمل تفقهه بالفقيه عمر بن علي التباعي فأخذ عنه المهذب أخذاً مرضيّاً والزمه أن يتغيبه فتغيبه تغيباً ميز فيه بين الفاء والواو وأخذ عنه البيان وغيره وتهذب به تهذباً معجباً ثم سار إلى الفقيه احمد بن موسى بن عجيل فاخذ عنه أيضاً ثم عاد إلى بلده فسكن قرية شحينة ولزم طريق الورع لزوماً تاماً. وأقام يدرس فاتاه الناس من القرب والبعد واشتهر بالعلم والصلاح. وكان من أشرف أهل عصره نفساً وأدراهم بالعلم حسّاً وأكثرهم للكتاب والسنة درساً.
قال الجندي واخبرني عبد الله بن محمد الأحمر أحد المدرسين بزبيد قال صبحت الفقيه علي بن إبراهيم ولزمت مجلسه عشرين سنة ما عملت سائلاً سأله فاعتذر بل يعطيه ما سأل. وكان مستعملاً لجميع الطاعات الواجبة والمستحبة استعمال مداومة. وكان من ابرك الفقهاء تدريساً. قال واخبرني محمد بن عبد الله الحضرمي فقيه زبيد ومفتيهاً في عصره قال لما جئت إلى الفقيه علي بن إبراهيم أريد أن اقرأَ عليه وأنا على حال متبلبل أريد أَن أجمع قلبي على تحصيل العلم فأول درس قرأته عليه قمت وأنا بخلاف ما أنا عليه من الرغبة. فكان في نفسي عدة مسائل قد اشتبهت عليَّ فحين بدأْت وقرأْت عليه أول يوم عرضت أنا على خاطري جميع المسائل فما عرضت مسأَلة في خاطري إلا زال إشكالها وتبين لي خطؤها من صوابها. وما زلت أجد الزيادة إلى وقتي هذا وما أشك أن ذلك من بركته. قال وكان لديه دنيا واسعة