إن وقف في بيته أطعم الواردين والزائرين والطلبة المنقطعين. وكان كثيراً ما يحج فيصرف في الطريق وفي مكة وما يجاوز الحد. وأحصوا حجاته فكانت نيفاً وثلاثين حجة. وكان من أكثر الناس تعقلاً للفقه وأحسنهم تغيُّباً للمهذب خرج من بين يديه نحو من مائة مدرس ولم يكن في مدرسي تهامة ولا الجبال المتأخرين أكثر أصحاباً منه. وكانت وفاتهُ يوم الثاني عشر من المحرم من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفيها توفي الفقيه الفاضل أبو عبد الله محمد بن احمد بن يحيى بن مضمون وكان فقيهاً عارفاً نحويّاً بارعاً ولي قضاء صنعاء من قِبَل بني محمد بن عمر وكان شديد الأحكام مبالغاً في إقامة الحق وإقامة مذهب السنة وإماتة البدعة. وكان يحلف الإسماعيلية بإيمان تشق عليهم. ثم بلغه أن بعضهم لما مات ودفن دفن معه مصحف فأمر من ينبش القبر عنه وأخرج المصحف فشق ذلك عليهم وكادوه وبذلوا في عزله الأموال الجزيلة فعزل بغير وجه يوجب العزل فعاد إلى بلاده وأقام مدة ثم رتبه بعض أولاد أسد الدين مدرساً في مدرسة جده بأب فلم يزل بها حتى توفي وكانت وفاته في السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفيها توفي الفقيه أبو حفص عمر بن أبى الربيع سليمان الملقب بالجنيد بن محمد بن اسعد بن أبى النهى. وكان إماما فاضلاً صالحاً له كرامات كثيرة تفقه بسعد الغولي. وتوفي يوم الثامن من المحرم أول شهور السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفيها توفي الفقيه الأجل الفاضل أبو العباس احمد بن أبى بكر بن اسعد بن زريع بن أسعد تفقه بالفقيه صالح بن عمر البريهي تفقهاً جيداً. وكان عارفاً مجتهداً ذا صيانة وعفة وعبادة ودرَّس بسهفنة على حياة شيخه وتوفي لسبع بقين من ربيع الآخر من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفي سنة ست عشرة حصل على السلطان مرض شديد حتى خيف عليه منه التلف واشرف منه على الهلاك وارجف بموته. فيروى إن القاضي جمال الدين محمد بن أبى بكر بن محمد اليحيوي راسل الملك الناصر جلال الدين محمد ابن الملك