للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشراف بالأمور الباطنة وأمر أن ينشر دعوة إنابته من عمه وكتب الكتب إلى المدائن. فلما انتشر ذلك العلم خرج السلطان الملك المؤَيد مسارعاً من تعز إلى الجند وهو في أثر الوعك فخشي ابن أخيه من ذلك فالتجأَ إلى جبل سورق وهو جبل حصين مطل على مدينة الجند فجهز السلطان له العساكر وكان مقدمها الأمير جمال الدين نور بن حسن بن نور فحط عليه وأحاط بالجبل من كل ناحية فطلب الملك الناصر الذمة من السلطان فأذم عليه فنزل إليه على الذمة وحصل بينهما اتفاق وصلح. ويقال أنه عرف السلطان سبب ذلك وإن الذي حمله على ذلك الفعل إنما هو القاضي جمال الدين محمد بن أبى بكر اليحيوي فلما تحقق السلطان الأمر عزل القاضي جمال الدين عن القضاء واعتقله في حصن تعز وفوَّض أمر القضاء إلى القاضي رضي الدين أبي بكر بن أحمد بن عمر الأديب أحد الفقهاء الشافعية. وكان ذلك بمحضر من السلطان وجماعة كثيرة من فقهاء الجبال والتهائم فحصل الإجماع عليه. وكان فقيهاً فاضلاً له سلطة في العلم يعرف جانباً كبيراً من المعقولات والمنقولات مع حنكة وتجربة قد حلب الدهر أشطره.

وفي هذه السنة المذكورة توفق الفقيه الفاضل أبو حفص عمر بن علي الضفار من أهل عدن. وكان يصحبه بن الخطيب المقدم ذكره ولكن غلبت عليه الزهادة والعبادة وخلف شيخه في مسجده المعروف به في عدن فلا يكاد المسجد يخلو من درسة ومتعبدين. وكانت وفاته ليلة الجمعة الثاني والعشرين من جمادى الأولى من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.

وفيها توفي الفقيه الصالح علي بن أسعد بن علي الحراري. وكان فقيهاً زاهداً عابداً معتزلاً عن الناس كثير التلاوة ولم يزل على ما ذكرناه من حسن السيرة إلى أن توفي رحمهُ الله تعالى وكانت وفاته في السنة المذكورة.

وفي سنة سبع عشرة وصل القاضي أبو المحاسن عبد الباقي بن عبد المجيد من دمشق على طريق مكة بطلب من السلطان الملك المؤَيد فناله من إحسانه ما صغر عنده إحسان من مضى من الأجواد الكرماء. وولي كتابة الإنشاء في المملكة اليمنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>