للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان أوحد عصره وفريد دهره فصاحة وفضلاً وسؤدداً ونبلاً. ومن شعره قوله يمدح السلطان الملك المؤَيد رحمة الله عليه وهو يومئذ في الإيوان بقصر الحائط المعروف بحائط لبيق

يا ناظم الشعر في نعم ونعمان ... وذاكر العهد في لبنا ولبنان

ومعمل الفكر في ليلى وليلتها ... بالسفح من عقدات الضال والبان

قصر فبالواد من وادي زبيد علاً ... عالي النار عظيم القدر والشان

به التغزُّل أحلى ما يرى لهجاً ... فدع حديث لييلات بعسفان

هذا الخورنق بل هذا السدير أتى ... في قصر داود لا في قصر غمدان

قصر بناه هزبر الدين مفتخراً ... فشاد ذلك بان أيما بان

فقف بساحته تنظر بها عجباً ... كم راحة هطلت فيها بإحسان

أنسى بإيوانه كسرى فلا خبر ... من بعد ذلك من كسرى بإيوان

سامي النجوم علاً فهي راجعة ... عن السمة " لإيوان " ابن غسان

تود فيه الثريا لو بدت سُرجُاً ... مثل الثريا به في بعض أركان

تحفه دوح دهر كله عجب ... كم فيه من فنن زاهٍ بأفنان

من أبيض يقق حال بأحمره ... يميس في حلتي در ومرجان

تجمعت فيه ألوان محيرة ... للعقل في سرها الزاهي بإعلان

إذا حللت به أبصرت معجزة ... الشام اصبح في واد بسيلان

فالسنبل الغض والورد الطري معاً ... من أخضر ناصع أو أحمر قان

صنوان حصن به من كل فاكهة ... وكم رأَى مختليه غير صنوان

ظل ظليل وماءُ سلسل غدق ... تخاله من صفاءٍ بطن ثعبان

هذا وكم فيه من ورقاء صادحةٍ ... يغنيك عود لها عن ضرب عيدان

كأنهنَّ قيان والقصور لها ... في ذلك الدست أوراق لأغصان

تهوى الغزالة لو أضحت مقبلةً ... منه مراشف أَنهار لنيسان

وكيف يمكنها والدوح منعقدُ ... فحالة الشمس عنه حال ظمآن

<<  <  ج: ص:  >  >>