أمر صائحا يصيح من أعلى الحصن بأعلى صوته يقول يا أهل تعز بيوت المنصورية لكم حلال فرجعت الأمراء والملوك إلى بيوتهم خوفا من النهب وغشيهم السواد الأعظم. وكان يوما عظيما فلم يمض نصف النهار إلا وقد كتبت إليه والدته جهة صلاح تقول له أعلمك يا ولدي أن بنات عمك وسائر نساء الملوك هتكوا ونهبوا ولم يبق لهم باقية. وقد صاروا في حصر المساجد والمدارس فأقاموا صائحا صيح في الناس من أخذ شيئا من بيوت الملوك فليرده. وأمر بقبض أولاد الملوك فقبض الملك الناصر وولده زين الإسلام. وقبض الملك الكامل بأمور الدين بن الملك المنصور فكان كل واحد من الملوك مسجوناً وحده.
واستولى السلطان الملك المجاهد رحمه الله مرة ثانية وحصل بينه وبين المماليك عهود وذمم وكتب لهم ذراعة بالأمان والوفاء. ونادى لهم بذلك في الأسواق وفي مجامع الناس وبعد أيام قلائل أمر بإطلاق الملك الناصر ونومار الدين بن الملك المنصور. واستناب في سلطنته الثانية الأمير جمال الدين نور بن حسن. وطلب من عمه الملك المنصور أن يكتب له كتاباً إلى ولده الظاهر بتسليم الدملؤة فكتب له بذلك فلم يمتثل وامتنع من تسليمها فجهز السلطان له عسكراً مقدمه من الأمير شجاع الدين عمر بن علاء الدين. والشيخ أحمد بن عمران العبابي والشيخ عمر بن أبي بكر العنسي. وخامر جماعة على الملك الظاهر من الأشعوب فساروا بعسكر السلطان طريقاً يفضي إلى الدملؤة نحواً من شهرين فكثر القتل في الفريقين وطالت مدة الحرب. وكان معظم ذلك في ناحية حبا من أرض المعافر فلما طال الأمر خادعهم الظاهر بأن أعطى ابن العنسي مالاً فارتفع عن المحطة وتلاحق به كثير من الناس فانهزمت المحطة وارتفع أهلها وتركوا كثيراً من أموالهم وثقلهم وفي هذه السنة توفي الفقيه أبو الخطاب عمر بن محمد بن مسعود الحجري وكان فقيها فاضلاً تفقه في بدايته بالفقيه إسماعيل الخلي ثم لما كان في السمكر بسؤال من أهلها درس على الفقيه صالح جعل يختلف إليه في السمكر حتى اكمل قراءته.