ياقوت التعزي وفوض نيابة السلطنة إلى الأمير شجاع الدين عمر بن علاء الدين الشهابي. فأقام أياماً فحصلت بينه وبين الأمراء البحرية مخافره فصرفه السلطان عن نيابته وجعل مكانه الأمير جمال الدين يوسف بن يعقوب بن الجواد المعروف بالخصي وفوض إليه أمر الباب كله وأقام السلطان الملك المنصور في سلطنته إلى ليلة السبت السادس من شهر رمضان وذلك على رواية ابن عبد المجيد ثمانون يوماً. وعلى الجندي نحو من تسعين يوماً انصرف فيها من المال نحو من سبعمائة ألف دينار خارجاً عن المركوب والملبوس.
ثم كان من قضاء الله وقدره أن تقدم بعض غلمان الملك المجاهد رحمة الله عليه إلى بلاد العربيين واتفق هو وجماعة منهم كان مقدمهم بشر الذهابي وعاملوا رجلا يقال له بن الفوارس على طلوع الحصن من قفاه باتفاق جماعة من عبيد السربخاناه فأدلوا لهم الحبال وأطلعوهم رجلاً رجلاً. وكانوا أربعين. فلما صاروا كلهم في الحصن أرادوا أن يثوروا فمنعهم عبيد الشربخانات وقالوا لهم لا تحدثوا حادثة حتى نقول لكم فامسكوا عندهم إلى أن أصبح الصباح ونزل الخادم بمفاتيح أبواب الحصن. فلما علم عبيد الشريخانات والمعسكر الذي معهم بنزول الخادم والمفتاح خرجوا عليه فضربوه بأسيافهم. وقبضوا المفاتيح ولم يشعر الملك المنصور حتى دخلوا عليه بمجلسه الذي أمسى فيه فقبضوه منه وخرجوا يريدون الملك المجاهد وكان والي الحصن والرتبة يبيتون في دار المضيف. فلما أشرف عليهم أهل الحصن ونادوا بشعار المجاهد قاتل أمير الحصن قتالا شديداً حتى قتل. وارتجت المدينة فركب الملك الناصر وركب معه كثير من العسكر. ووصلوا اسفل الحصن فلم يتهيأ لهم فيه عمل وأبوابه مغلقة. وركب سائر الأمراء البحرية إلى الملك الناصر وقالوا له أن كان الملك المنصور مات أو قتل أو قبض فأنت أولى بالملك. فاجتمعت كلمتهم على ذلك وابعث المدينة خيلاً ورجلاً يريدون طريقاً إلى الحصن فما وجدوا فلما رآهم السلطان الملك المجاهد كذلك وعلم ما أجمعوا عليه عجب من فعلهم. وقال سبحان الله ما في هؤلاء من يذكر لوالدي حسنة عليه ولا جميلا إليه ثم