ووصل الأمير عز الدين قتادة يسأْل ذمةً لولد بن علاء الدين ولبقية العسكر فأَذم عليهم السلطان وسألهم عن الناصر وابن طرنطاي فقالوا لا نعلم أين توجهوا. فركب السلطان لفوره ورجع إلى زبيد فوصله الفقيه علي بن أبي بكر الزيلعي صاحب قرية السلامة ووصل معه الفقيه علي بن نوح واجتمعا بالسلطان. وشاع الخبر أن الناصر في قرية السلامة فجهز السلطان ولد أخيه المفضل في قطعة من العسكر وجماعة من العوارين فقصدوا السلامة صبح يوم الخميس الثامن عشر فأحاطوا بيت الفقيه ودخل المفضل بيت الفقيه في جماعة فقبض الناصر بن الأشرف والأشرف بن الواثق وابن طرنطاي وخرج بهم يوم الخميس المذكور إلى حيس فلما صاروا قريباً من حيس عطف بهم نحو تعز. وسار فيمن معه من العسكر فدخل بهم تعز صبح يوم السبت العشرين من الشهر المذكور. وقد قيدوا من الحبيل وتلقاهم أهل تعز فكان أوباشهم يسبونهم ويؤذونهم ولولا مدافعة المفضل عنهم لأتوا على ابن طرنطاي. فلما أتوا بهم تعز جعل الناصر وأبن عمه في برج الرماد وجعل ابن طرنطاي في سجن العامة. فأقام الملك الناصر في السجن إلى أن توفي ليلة الخميس عشرة شهر رجب من السنة المذكورة وقبر يوم الخميس مع والده في المدرسة الأشرفية في معزية تعز. وفي نزول السلطان من تعز إلى زبيد وتقدمه إلى النخل ولزم المذكورين يقول الفقيه جمال الدين محمد بن منصور العامري رحمه الله تعالى
وعرض يحدو به راعد ... يحن في الجو حنين اللقاح
يسوقه البرق بأسواطه ... إذا ونى مال عليه وصاح
وفيها يقول
لما تلاقينا وقد أثمرت ... بالموت أطراف غصون الرماح
وللمنايا سحب ماؤُها ... يجري على حد متون الصفاح
سالت نفوس بين حد الظبا ... كالماء يجري بين خضر البطاح