وهي قصيدة طويلة لم اظفر منها إلا بهذا القدر قال الجندي وفي هذا التاريخ وصل المبشرون إلى السلطان بوصول الغارة إليه من الديار المصرية فوقف السلطان رحمه اله لهم في مدينة زبيد حتى قدموا عليه. وكان وصولهم زبيد يوم الأحد السابع عشر من شهر رجب من السنة المذكورة. وكانوا ألفي فارس وألف راحلة فيهم أربعة أمراء والمعول على أميرين منهم وهما الأمير سيف الدين بيبرس والأمير جمال الدين طيلان وكان معهم اثنان وعشرون ألف جمل يحمل عددهم وأزوادهم فلما أشرفوا على المدينة خرج السلطان في لقائهم إلى الفوز الكبير في عسكره وخاصته. فلما دنا منهم ودنوا منه ترجلوا له وقبلوا الأرض بين يديه وساروا في خدمته ساعة وقد أمروا القراشين أن يضربوا خمة هنالك فمالوا إليها وسألوه المصير إليها معهم فساروا إلى الخيمة فدخلوها ودخل السلطان معهم فأخرجوا صندوقاً فيه عمامة بعدبتين وخلعة فاخرة فألبسوه الخلعة والعمامة ثم ركبوا بأجمعهم وركب السلطان وساروا جميعاً في خدمته حتى حطوا على باب الشبارق خلف المدينة من الناحية الشرقية. فأقاموا أياماً قلائل ثم تقدم السلطان إلى تعز في معظم عسكره وبعض العسكر المصري إذ لا يسعهم الطريق إذا ساروا دفعة واحدة. فكان دخول السلطان تعز يوم الخامس والعشرين.
من الشهر المذكور. وخرج في العسكر المصري من زبيد متوجهين إلى تعز فلما وصلوا تعز عاثوا فيها وفي نواحيها وانتشروا إلى الجند ونواحيها من الجهة الشرقية وبلغوا من الجهة اليمنية حدير ومن ناحية القبلة سهفنة وكانوا لا يجدون طعاماً إلا أخذوه ببخس الثمن وانتهبوا بيوتاً كثيرة في هذه النواحي حتى عدم فيها الطعام وصار لا يجلب إلا من البعد. وارتفع السعر وضاقت البلاد على أهلها ضيقاً شديداً وضربوا كثيراً من الناس حتى قتلوهم تحت الضرب الشديد. ونهبوا قرية عقافة وسبوا حريمها وباعوهم كما يباع الرقيق.