وفي هذه السنة توفي الفقيه يحيى بن الفقيه فضل ابن اسعد بن حمير ابن جني أبي سالم المليكي. وكان مولده سنة ستين وخمسمائة. وتفقه بعبد الله بن سالم الأصبحي وتزوج ابنته منيرة ولهُ منها أولاد معروفون تفقه منهم جماعة ومسكنهم قرية الملحمة ولهم فيها مسجد ينسب إليهم وهو شرقيها يعرف بالمسجد الأعلى " وكانت " قراءته البيان على سليمان بن فتح. وكانت وفاته في القرية المذكورة ليلة الخميس ثالث عشر شهر ربيع الأول من السنة المذكورة والله اعلم.
وفي سنة ثلاثين وستمائة أمر السلطان نور الدين بصرب السكة على اسمه وأمر الخطباءَ أن يخطبوا له في سائر أقطار اليمن. وإلى هذا أشار الحارث الرائش بقوله الذي تقدم ذكره حيث يقول:
ويظهر راية المنصور فيهم ... على خاءٍ مخففة ولام
وقد ذكرنا ذلك في الباب الأول وبالله التوفيق.
وفي هذه السنة توفي الإمام العلامة أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن ابن علي بن أبي علي القَلعْي بفتح القاف وسكون اللام نسبة إلى قلعة حلب بالشام وقيل نسبة إلى قلعة بلدة بالمغرب هذا قول الجندي. وقال الأسنوي في طبقاته أنه منسوب إلى قلعة بينها وبين زبيد نحو يوم ولم يذكر الأسنوي اسم هذه القلعة التي نسبه اليها ولا في أي ناحية هي من زبيد وهذا غلط من الأسنوي والله اعلم. وكان القلعي المذكور فقهياً عالماً كبيراً عاملاً له مصنفات كثيرة مشهورة انتفع الناس بها. منها قواعد المهذب ومنها مستعذب ومنها إيضاح الغوامض في علم الفرائض مجلدان جيدان جمع فيه بين مذهب الشافعي وغيره وأورد فيه طرفاً من الجبر والمقابلة والوصايا. وله احتراز المهذب. وله لطائف الأنوار في فضل الصحابة الأبرار. وله كنز الحفاظ في غرائب الألفاظ يعني أَلفاظ المهذب. وله تهذيب الرياسة في ترتيب السياسة. وله كتاب أحكام القضاة. وله غير ذلك. وأكثر ما توجد مصنفاته في ظفار وحضرموت ونواحيها وعنه انتشر الفقه في تلك الناحية ولم ينتشر العلم عن أحد في تلك الناحية كما انتشر عنه. وأعيان فقهائها أصحابه وأصحاب أصحابه.