وحج من مرباط فاخذ عنه بمكة وزبيد وغيرهما من البلاد التي مر بها خلق كثير. وكانت وفاته بمرباط في السنة المذكورة وقبره هناك والله أعلم. وفيها توفي الفقيه سلم بن محمد بن سالم بن عبد اله بن خلف بن زبد أبن أحمد بن محمد العامري وكان فقيهاً محدثاً غلب عليه الحديث. وكان زاهداً روعاً تأتيه الناس من البعد للزيارة وقراءّة العلم وانتفع بصحبته خلق كثير منهم الشيخ أحمد بن الجعد وأبو شعبة وغيرهما. وكان من كرام الفقهاء شريف النفس عالي الهمة. ولم يزل على الطريق المرضية إلى أن توفي في السنة المذكورة. وكان مولده في سنة سبعين وخمسمائة والله اعلم. وفيها توفي الفقيه الصالح عبد الله بن علي بن أبي عبد الله بن أبي القسم بن أَسلم المرادي وكان فقيهاً عارفاً ورعاً مشهوراً. وكان أخوه ناجي بن علي فقيهاً غلبت عليه العبادة. وشهر بالصلاح وله كرامات كثيرة وكان كبير القدر شهير الذكر وروي أنه خرج لزيارة الشيخ عمران المتسن صاحب ذُبْحَان فخرج بخروجه جماعة من أهل بلده على عزم السفر لزيارة الشيخ المذكور. فقال الفقيه ناجي ينبغي أن تجعلوا لكم رأساً تمتثلون قوله وتقبلون أمره ولا تخالفونه فإنه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا له يا فقيه أنت أولى من يلي فقال قد رضيتم قالوا نعم فتوثق منهم. وساروا من قريتهم المعروفة بسند من نواحي دلال فوصلوا الجند وصلوا في الجامع بها ثم خرجوا يريدون زيارة مسجد صرب المشهور هنالك وهو خارج عن المدينة فلقيهم فقير فطلب منهم شيئاً فقال الفقيه للذي يحمل زادهم أعط هذا درهماً فأعطاه فرضي بذلك بعضهم ولم يرضَ آخرون ففهم الفقيه ذلك منهم فلما رجعوا إلى المسجد وصلوا فيه العصر جاءَهم فقير عليه مدرعة صوف وصافحهم ثم صافح الفقيه وقبل يده ونزل فيها عشرة دراهم فالتفت الفقيه إلى أصحابه وقال هذه حسنتكم قد عجت لكم لما تغيرت نياتكم. ثم سلم الفقيه الدراهم إلى