الشريف عجلان أن السلطان يريد يولي أخاه البلاد ويترك معه عسكراً من اليمن وأنه يريد يلزمك ويسير بك صحبته إلى اليمن فوقع الكلام في قلبه. فدخل على أمير ركب مصر وقال أن صاحب اليمن يريد أن يقف في مكة بقد تقدمكم وينزع كسوة البيت ويسكوه بكسوة قد جاء بها معه من اليمن. ويريد أن يولي في مكة والياً من جهته ويترك معه عسكراً ويغير أوضاعكم ولا يترك لكم في مكة أمراً ومن المصلحة أن لا تفوت. وإن لم تفعلوا تقدمت معكم وتركت مكة وبرئت من العهدة. فوقع هذا الكلام في قلوبهم. فاتفق رأُيهم على الإقدام عليه. فلما كان يوم الثاني عشر ركبوا بأجمعهم وانتهبوا المحطة على حين غفلة وأحاطوا بمخيم السلطان وهو في جماعة قليلة فرأَى السلطان أنه أن قاتل قتل هو ومن معه لقلتهم وكثرة العدو فبرز إليهم وسأًلهم أن لا يعترضوا أحداً من الناس ففعلوا وساروا بين يديه إلى محطتهم مرجلين وهو على بغلة على ما يجب من التبجيل والتعظيم وضربوا له خاماً خاصّاً فأنزلوه وسأَلوه أن يصطحب من غلمانه من شاء فاختار الأمير فخر الدين زياد بن أحمد الكاملي وتوجه معهم إلى الديار المصرية.
وسارت الأدر الكرام جهة صَلاح إلى مكة وسار معها الطواشي صفي الدين جوهر الرضواني وسائر غلمان السلطان فلما دخلوا مكة أقاموا فيها واسترجعوا شيئاً كثيراً من الخيل والبغال والحمير والجمال والآلات ثم ساروا متوجهين إلى اليمن فيمن معهم من المقدمين كالقاضي جمال الدين محمد بن حسان والقاضي فتح الدين عمر بن الخطباء والقاضي صفي الدين أحمد بن عمار وسائر المعسكر.
وفي هذه السنة توفي الفقيه البارع أبو الحسن علي بن نوح الأبوي بضم الهمزة وفتح الباء وكسر الواو نسبى إلى أبي بن كعب الأنصاري الصحابي. وكان فقيهاً فاضلاً بارعاً حنفي المذهب نقالاً للحديث حافظاً لمعانيه. وكان ينقل الهداية عن ظهر الغيب واصل بلاده بلاد السودان مما وراء البحر. وكان أول وقوفه في قرية السلامة عند الفقيه أبي بكر الزيلعي المذكور أولاً ثم دخل زبيد فاستمر مدرساً في المنصورية الحنفية في زبيد. فأَخذ عليه جمع كثير وكان مشهوراً بالفقه والصلاح وكان وفاته في أثناء السنة المذكورة رحمه الله تعالى.