للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشاعر عن البلاد تقلبت المعازبة ووجدوا مقرَاً في طرف البلاد.

ثم أن القاضي جلال الدين علي بن محمد بن عمار رجع من الجهات الشامية في شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة. وكان في صحبته عدة من غز الرتب نحو من مائتي فارس فاتفق رأيهم على غزو المعازبة فقصدهم العسكر المذكور يوم الأحد الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة. وكانت المعازبة حلالاً في أطراف الوادي رمع بعد خراب المخيريف. وقد كثرت خيلهم يومئذٍ فلما وافاهم العسكر استتروا عنهم حتى أخذ العسكر شيئاً من أموالهم واجتمعت خيل المعازبة بأسرها وحملوا على العسكر وقد افترق العسكر فهزموهم هزيمة شديدة وقتل المقدم لاجين وقتل معه طائفة من العسكر فأخذوا من الخيل شيئاً كثيراً فرجع ابن سمير إلى فشال فأقام فيها إلى شهر رمضان. ووصل الشجاع ابن يعقوب أميراً في رمع فأقام إلى آخر السنة.

وفي هذه السنة جهز السلطان هدية جليلة إلى الديار المصرية وتقدم فيها الطواشي صفي الدين جوهر الرضواني فالتقاهم شعب عند جبل الزقر فانصلحت القطعة التي فيها الطواشي فهلك هو وجماعة من الذين معه. وكان هذا جوهر الرضواني معدوداً في أهل الرياسة معروفاً بكرم النفس وعلو الهمة وعذوبة الأخلاق خدم الجهة الكريمة جهة الطواشي شهاب الدين صلاح والدة مولانا السلطان الملك المجاهد وجعلته زمام بابها وأضافت إليه أمورها كلها فارتفع شأَنه وكان له سيرة حسنة. ونال من السلطان ثقة تامة وعول في كثير من الأمور عليه وندبه سفيراً في الهدية الأولى لما توفي الطواشي خضير. فقام في ذلك أحسن قيام وعاد على أحسن حال ثم ندبه في هذه الهدية فتوفى كما ذكرنا وكانت وفاته في شهر ذي الحجة من السنة المذكورة وقبر في مقبرة باب سهام رحمه الله تعالى.

وفي سنة ست وخمسين قويت شوكة العرب المفسدين في التهائم فاجتمع المعازبة وأهل القريشة ورماة البسيط والقحراء ومن انضم إليهم وقصدوا قرية المخيريف بأجمعهم في آخر شهر المحرم فأحاطوا بالقرية فخرج أهل القرية لقتالهم

<<  <  ج: ص:  >  >>