فقتل الشيخ أحمد بن عمر بن عبد الله الأشعري وقتل معه جماعة من أهل القرية وكانت الوقعة في آخر النهار فلما أصبحوا انتقلوا عن القرية وخرب بخرابها طائفة من قرى رمع وهي الرقبة والمكابرة والحلة والمقترعة والمضرب والبطة والكحلاني ومحل كهلان. وخرب أيضاً بعض قرى الوادي زبيد ولكن تراجعوا بعد أيام. وأما هذه القرى المذكورة من رمع فما رجع منعا إلا الرقبة فان أهلها رجعوا وأقاموا فيها مدة ثم خرجت أيضاً ثم رجعوا وأما القرى المذكورة فلم يرجع منها شيء إلى وقتنا هذا.
ثم استمر القائشي فضمن وادي زبيد ورمع والقحمة فاختبطت عليه البلاد وما عرف ما يفعل فحمل من وادي رمع خمسة عشر ألفاً فلما تحقق السلطان عجزه فصله وأمر القاضي جمال الدين محمد بن حسان الوزير وكان استمراره في آخر السنة المذكورة.
وفي هذه السنة توفي الفقيه الصالح أبو يعقوب إسحاق بن الفقيه أحمد بن يحيى بن زكريا وكان ميلاده لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من سنة اثنتين وثمانين وستمائة. وكان تفقه بأخويه محمد وداود وغيرهما ودرس في الأتابكة بذي هزيم ناحية من نواحي تعز ثم درس بالمؤَيدية وتفقه به جماعة من أهل العصر. وكان ممن يعّد محققاً وكان عارفاً بالفقه نقالاً للمذهب لا تدور الفتوى في تعز إلا عليه. ثم على الفقيه أبي بكر بن جبريل. وكان عالي الهمة شريف النفس توفي في أثناء السنة المذكورة بزبيد وقبر في مقبرة باب سهام شرقيها وقيل كانت وفاته في سنة ستين وسبعمائة والله أعلم رحمه الله تعالى.
وفيها توفي الأمير الكبير أقباي بن عبد الله الحاجب التركي وكان ذا ديانة ونسك وله مقامات مشكورة قل أن يوجد نظيره في أبناء جنسه وكانت وفاته يوم الأحد السابع عشر من شهر صفر من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفي سنة سبع وخمسين وسبعمائة اشتد فساد العرب في التهائم وكثرت خيول العرب المفسدين وأخرجوا عدة من القرى وانقطعت الطرق وانضم القرشيون إلى المعازبة فكانوا يغيرون على أطراف البلاد للقتل والنهب والحريق.