وفيها أقطع السلطان ولده الملك الصالح القَحْمَة فسار إليها وقد عظمت شوكة العرب وعظم الفساد فلم يصنع شيئاً وكان فيها المحصور. ثم أن القاضي جمال الدين محمد بن حسان جمع العسكر الذي معه في فشال وطلب عسكر القحمة وجمع فيها جمعاً كثيراً من العرب وقصد القرشية فأغارت المعازبة بخيلها ورجلها فانهزم العسكر وقتل من الرجل طائفة وجماعة من الخيل وفي جملة من قتل الأمير سيف الدين الشهابي أستاذ دار الملك الصالح وكان فارساً شجاعاً وكانت الوقعة يوم السبت الثامن والعشرين من ذي الحجة من السنة المذكورة. وحمل القاضي جمال الدين محمد بن حسان نيفاً وسبعين ألفاً من رمع وشكر السلطان همته وفي سنة ثمان وخمسين انفصل القاضي جمال الدين محمد بن حسان من رمع واستمر فيها الملك الصالح واستمر الأمير شمس الدين علي بن حسن الحلبي في القَحْمة.
وفي هذه السنة وصلت التجار من الجهات الشامية بعدة من الخيل يريدون بها موسم عدن كما جرت عادتهم فلما دخلوا فشال رأتها الأشاعر ونظروا انتشار الفساد في البلاد فاخذوا الخيل الواصلة إليهم بأسرها وكان أخذهم للخيل يوم الرابع عشر وكان ذلك بموافقة الوالي كما قيل وهو الأمير بدر الدين حسن بن باساك فلما ركبوا الخيل امتنع المعازبة من وادي رمع. فأمر السلطان بقبض الأمير المذكور فقبض في شهر رمضان وكان الذي قبضه الأمير بهادر المجاهدي وهو يومئذ أمير جاندار الباب وطلع به تحت الحفظ إلى السلطان فأمر السلطان بشنقه فشنق في آخر شهر رمضان المذكور.
ونزل الملك الصالح إلى أقطاعه فشال في شهر شوال ونزل بعده الوزير القاضي جمال الدين محمد بن حسان في عسكر من الباب نحو من سبعين فارساً خارجاً عن عسكر الملك الصالح. ولما امتنعت المعازبة عن وادي رمع باجتماع الأشاعر في فشال اجتمع المعازبة وقصدوا مدينة القحمة فحرقوها وأخرجوها ونهبوا أهلها نهباً شديداً وانتقل أميرها إلى بيت الفقيه ابن عجيل بنشبه وثقله. ولما وصل الملك