الصالح فشال ومعه الوزير في العسكر كما ذكرنا انتقلت الأشاعر من فشال إلى قرية الغزالين وهي أَعلى وادي رمِع فأقاموا هنالك وتركوا سائر البلاد خوفاً من السلطان فكانت المعازبة تغير على وادي زبيد تمر في حدود المخيريف وهي خراب لا ساكن فيها وكثر تكرارهم هنالك فتبعهم جماعة من خيل الأَشاعر من الغزالين فقتلوا منهم ثلاثة نفر من الفرسان وهم حسن بن بهيلة وكان كبيراً من كبرائهم سناً وقدراً وكان قتله في شوال من السنة المذكورة. فأَرسلت المعازبة إلى سائر قبائل العرب المفسدين كالقحرا ورماة البسيط ومقاصرة الشام والعامريين واجتمعت دؤال بأسرها وكافة القرشيين خيلاً ورجلاً وقصدوا الأشاعر إلى الغزالين وتركوا كافة الخيل والرجل في ثلاثة مكامن من غربي الغزالين بمسافة. وأَتاهم نحو من عشرين فارساً من شرقي القرية فساقوا أموال الأشاعر وساروا بها نحو تلك المكامن المذكورة فتبعهم الأشاعرة فانبعثت عليهم المكامن فلم يرجع من الأشاعر في تلك الليلة إلا من لم يُعرف. وكانت القضية في وجه الليل فكان الحاضرون أكثرهم لا يعرفون الأشاعر ولا يعرف بعضهم بعضاً. وكان ذلك يوم الثلاثاء السابع والعشرين من ذي القعدة فقتل من الأشاعر يومئذ وممن معهم سبعة وثلاثون نفراً منهم خمسة وعشرون فارساً واقتلعت خيلهم. وكان في جملة المقتولين يومئذ الجلال ابن معيبد وعبد الله بن القلقل وابن قرين وأبو بكر بن الدبر وكان أفرس أهل عصره وأشجعهم.
وفي يوم الثامن والعشرين صبحت المعازبة فشال فخرج الملك الصالح والوزير محمد بن حسان ومن معهم من العسكر وانتقلوا إلى مدينة زبيد وخرجت فشال وارتفع الحكم عن وادي رِمَع بأسره.
وفي هذه السنة توفي الفقيه الفاضل عمر بن محمد بن الجبلي بضم الجيم وفتح الباء الموحدة وكان فقيهاً عارفاً مشتغلاً بالفقه كان من اعلم أهل عصره بالطب في مدرسة زبيد وانتفع به كثير من الناس. وله أوصاف في الطب يعرفها كثير من أهل زبيد. وكان فقيراً قانعاً بما هو فيه من العيش صابراً على ذلك إلى أن توفي في أثناء السنة المذكورة رحمه الله تعالى.