وفي هذه السنة توفي الفقيه أحمد بن الفقيه إبراهيم بن أبي عمران وكان ميلاده يوم الخميس السابع عشر من شهر شعبان من سنة سبع وخمسين وخمسمائة وكان ثقته بالإمام سيف السنة.
ويروى أنه لزم مجلسه إحدى عشرة سنة. وأنه أقام في جامع اب لم يخرج منهُ إلا في قُبران صاحبٍ يعز عليهِ. وبعد ذلك كان يختلف إلى بلدهِ في قليل من الأوقات. فاخذ عن سيف السنة الفقه. والنحو. واللغة. والحديث. والأصول. وحاكاه في أموره كلها حتى في الخط ومات وهو ابن تسع وعشرين سنة. فقال في ذلك شعراً.
ولما مضت تسع وعشرون حجةً ... من العمر غرتني وغرت إلى الصبا
وأنذرني شيبي بحتفي معجلاً ... فقلت له أهلاً وسهلاً ومرحبا
وسمعاً لداعي الحق منك وطاعةً ... وإن كنت بطالاً وإن كنت مذنبا
وهي أطول مما ذكرت ونسخ بيده كتباً كثيرة. وكتب على كل منها أبياتاً من قوله يقول فيها
وقف خرام وحبس دائم الأبد ... بتأَرجاءَ ثواب الواحد الصمد
على الحنابلة المشهور مذهبهم ... من آل بيت أبي عمران ذي الرشد
لاحظ فيهِ لبدعي يخالفني ... أو كان معتقداً صدًّا لمعتقد
وكان السلطان نور الدين يحبه ويعتقده. ولما بنا مدرسته التي بدرجة المعزية المعروفة بالوزيرية لم يزل يتلطف به ويرسل إليه حتى نزل من بلده وقعد في المدرسة ودرس بها. ثم قال له السلطان نور الدين رحمة الله عليه أني احب أن اقرأَ عليك وترد لي في كل يوم إلى المدرسة يشق علي وعليك وعلى الناس. فإن رأيت أن يأْتيك الركبدار في يوم ببغلة تركبها وتطلع إلينا الحصن فاقرأْ عليك في خلوة