وكان الخليفة قد أرسل بالتشريفة والتقليد إليه صحبة الحاج من العراق فبلغ حاجُّ العراق إلى نصف الطريق فقطعت العرب عليهم الطريق ودفنوا المناهل: فإعتاق الحاجُّ في الطريق إلى أن فاتهم الحجُّ فرجعوا إلى بغداد: ولم يصل منهم في ذلك العام أحدُ.
وفي سنة ٦٣٢ وصلت كسوة الكعبة من بغداد: ومعها رسولُ من الخليفة المستنصر إلى السلطان نور الدين: فعلق الكسوة ودخل اليمن إلى السلطان نور الدين: واعلمه أن التشريفة والتقليد يصلانه في البحر على طريق البصرة: فوصلت التشريفة ووصل التقليد بالنيابة في السنة المذكورة: وكان رسول الخليفة إلى السلطان نور الدين بالتشريفة والتقليد رجل يسمى معالي وكان السلطان نور الدين يومئذ في الجند: فارتقى الرسول على المنبر وقال: يا نور الدين أن العزيز يقرئك السلام ويقول: قد تصدقت عليك باليمن ووليتك إياه. والبسهُ الخلعة الشريفة الخليفية على المنبر.
وفي هذه السنة " ٦٣٢ " أرسل السلطان نور الدين إلى مكة المشرَّفة بقناديل من ذهب وفضة للكعبة المعظمة. وأرسل بخزانة كبيرة على يد ابن البصري إلى الشريف راجح بن قتادة وأمر باستخدام الخيل والرجل واعلم أن عسكراً واصلاً من مصر إلى مكة. فلما وصل ابن البصري مكة وعلَّق القناديل وصلَ العسكر المصريُّ إلى مكة قبل أن يستخدم الشريف أحداً فخرج الشريف راجح وابن البصري إلى اليمن. وكان العسكر البصري خمسمائة فارس فيه إمارة. يقال لأحدهم وحد السبعُ. والثاني البندقي. والثالث ابن أبي زكريٍّ. والرَّابع ابن برطاس. والخامس المقدَّم الكبير وهو أمير يقال له جبرائيل. فدخلوا مكة وأقاموا بها. وفي سنة ٦٣٣ جهز السلطان نور الدين عسكراً من اليمن وقدم عليهم الأمير شهاب الدين بن عيدان. وبعث بخزانة إلى الشريف راجح بن قتادة وأمره أن يستخدم العسكر ففعل. فلما صاروا قريباً من مكة خرج إليهم العسكر المصري فالتقوا في موضع يقال له الخريفين بين مكة والسرين فانهزمت العرب واسر الأمير شهاب الدين