أَلم تر أن الملك يؤتيه من يشا ... إله السما الجبار مبتدع الإنشا
تأَن وقف في حيث أوقفك القضا ... فمن فاته إيوانه سكن الحشا
ولما دخل العسكر السلطاني في القحمة أقام فيها يومه ذلك يوم الثلاثاء. ثم توجهوا نحو الكدراء ثم ساروا منها إلى المهجم. فكان دخولهم المهجم يوم الجمعة السادس والعشرين من المحرم فأَقام العسكر فيها أياماً. ثم توجه الأمير فخر الدين زياد الكاملي إلى حرَض فدخلها في صفر من السنة المذكورة فجعل فيها الأمير سيف الدين الرومي أميراً وجعل معه طائفة من المماليك الأَجواد. واستوسقت البلاد كلها في أسرع مدة وعمرت القرى والمدائن. واتصل الناس بعضهم ببعض. واستمر القاضي ناصح الدين أميراً في المهجم وتفرَّدت الأحوال وزال الليث في غابةِ واستحق الحق في نصابه.
وفي شهر ربيع الآخر كان ختان أولاد السلطان الملك الأفضل وكان ذلك يوم الأحد الثالث عشر منه. وأسست المدرسة الأفضلية في ناحية الجبيل من تعز المحروسة يوم الجمعة الرابع عشر من شهر رجب من السنة المذكورة. ولما أن في زبيد وقت السبوت ندب السلطان رحمه الله الأمير شمس الدين علي بن الحسام وجماعة من بني حمزة فيهم الشريف قاسم بن أحمد صاحب الموقر فأَقاموا في النخل أياماً كما جرت العادة. فكان فساد القرشيين في كل يوم يزداد. فلما كان ليلة الثامن عشر من شوال اجتمعوا وهجموا النخل. وكان مشدة يومئذٍ القاضي برهان الدين إبراهيم بن يوسف الجلاد. فنهبوا طائفة من النخل فخرج العسكر في طلبهم وكانوا قد جعلوا عدة مكامن. فلما توسط العسكريين المكامن انبعث العدوّ من كل ناحية فقتل من العسكر جماعة الخيل فيهم الشريف قاسم بن أحمد صاحب الموقر وقتل من الرجل طائفة وغشيهم الليل. ووصل في تلك الليلة الأمير بهاء الدين السنبلي من القحمة فاتاه الخبر عشاء فركب من فوره يريد النخل فدخله آخر الليل واجتمع بالمقدّمين فأقاموا في النخل محوا من خمسة عشر يوماً حتى انقضى أمر النخل وارتفع رسمه. فلما ارتفع رسم النخل وصل الطواشي صفي الدين أبو مَلْعق في أول