القرى فانشمر راجعاً ولم يقف اكثر من ثلاثة أيام وسار في اليوم الرابع راجعاً.
قال علي بن الحسن الخزرجي عامله الله بالحسنى كنت يومئذ في مدينة زبيد فأخبرني رجل من أهل سهام لا اتهمه فيما اخبرني به. كان الإمام صلاح حاطّاً على باب المدينة في الناحية الشرقية قبل أن دخل المدينة بليلة أو ليلتين. قال رأَيت الليلة كان حصل قتال بين عسكر الإمام وأهل المدينة فبينما الناس يقتلون إذ خرج رجل من زبيد عظيم الخلقة طويل القامة على فرس كأعظم ما يكون من الجمال لا من الخيل وعلى الفرس والفارس ثياب كلها خضر وحوله من الناس جمع كثيف. فلما خرج في جمعه ذلك ورآه عسكر الإمام انهزموا بين يديه فتبعهم في ذلك الجمع فتوجهوا نحو الشام ولم يلتفت منهم أحد فكان آخر العهد بهم. فلما سمعت هذه الرؤْيا منه مع ما أعلم من صدق حديثه في جميع الحالات وحسن سيرته أيقنت بهزيمة القوم. فأصبح الإمام وجيشه متوجهين نحو الجهات الشامية في صبح ليلة الرؤْيا أو صبح الليلة الثانية والله أعلم.
وفي هذه السنة استمر الأمير ركن الدين عبد الرحمن علي بن الهمام في حَرَض والأعمال الرحبانية مقطعاً بها.
وفي شهر رمضان من السنة المذكورة جرَّد الأمير صارم الدين داود بن موسى بن حباجر إلى ناحية ذمار في عسكر كثيف من الخيل والرَّجل فقبض عدة حصون هنالك وأجابته العرب رعباً ورهباً واخرب قرىً كثيرة. فوجه الإمام جيوشاً عظيمة لقتاله فلم تقم لهم قائمة ثم جمع الإمام جموعاً أُخر واستنجد بأهل صنعاء ونصب خيامه في الحقل مقابلاً لمحطة ابن حباجر وأرسل عيونه يحققون له أخبار العسكر يوماً فيوماً وساعة فساعة حتى وصل إليه بعض عيونه مع القضاءِ السابق يخبره بافتراق العسكر في ذلك اليوم انه ليس في المحطة إلا نحو من أربعين فارساً فانتهز الفرصة وصدم المحطة بنفسه ومن معه في حال افتراق العسكر وكان في المحطة من الزيدية أناس كثير قد استخدمهم الأمير. فلما اصطدم العسكر أحاطوا حول الإمام فأُسر الأمير وقتل ناس من العسكر وانتهبت المحطة وذلك في شهر صفر من سنة ثمان وسبعين.