للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحد الثامن والعشرين من شهر شعبان المذكور وتهيأَ للصيام وأَخلى محلة دار النصر لحضور الفقهاء والقضاة والأمراء والوزراء ومن يعتاد حضور مجلسه للتشفية في شهر رمضان كما جرت العادة حفظه الله. وكان الحاضرون مجلسه الشريف في شهر رمضان يتنازعون في تفضيل الرطب والعنب أَيهما أَفضل من صاحبه فحصل الإجماع بتفضيل الرطب على العنب. وكان القائل بتفضيل الرطب على العنب فقهاء تهامة وأمراؤها. وكان القائلون بتفضيل العنب على الرطب فقهاء الجبال وأمراؤها وقد أسند أهل الجبال أمرهم إلى الفقيه صفي الدين أحمد بن موسى التعزي الشافعي وكان فقيهاً عارفاً مدققاً بحاثاً محجاجاً. وأسند أهل تهامة أمرهم إلى الفقيه شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر عبد الله المقري الحسيني. وكان يتوقد ذكاءً وكان حاضر هذه الواقعة حاكم الشرع الشريف القاضي عفيف الدين عبد الله بن محمد بن عبد الله الناشري وكان أكمل أهل زمانه لا يوجد له نظير في أبناء جنسه أَحق الناس بقول أبي الطيب المتنبي حيث يقول

قاض إذا التبس الأمران عنَّ له ... أمرُ يفرّق بين الماء واللبن

القائل الصدق فيه ما يضرُّ بهِ ... والواحد الحالتين السرّ والعلن

وفي يوم الأربعاء التاسع من شهر رمضان أَسلمت امرأَة من اليهود ودانت بدين الحق وتبرأَت من كل دين خالف دين الإسلام. وكان زوجها من الإسرائيليين فالزمه حاكم الشريعة المطهرة بتسليم صداقها الذي تستحقه عليه فسلمه في مجلس الحكم وفرَّق الحاكم بينهما فرقة لا اجتماع بعدها إلا أن يسلم هو والله على ما يشاءُ قدير.

وفي هذا التاريخ تقدم الأمير بدر الدين محمد بن بهادر السنبلي أميراً في أبين وانفصل عنها الأمير بهاء الدين بهادر اللطيفي.

وفي اليوم الرابع والعشرين وصل الفقيه الإمام العلامة القاضي الأجل مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي من الثغر المحروس مطلوباً إلى الأبواب الكريمة. فلما وصل إلى الباب الكريم أكرمه السلطان وأنصفه وأنزله منزلة تليق بحاله وحمل

<<  <  ج: ص:  >  >>