للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا التاريخ برز أمر السلطان بالسفر وأمر الفراشين يحملوا ثمانين حملاً من الخام وخرجت الزردخانة وكان خروج الطبلخانة يوم الثالث من المحرم وهو يوم الثلاثاء وتقدم آخر يومه ذلك في كافة العسكر المنصور.

جيش كأَنك في أرض تطاوله ... فالجيش لا أمم والأرض لا أمم

إذا مضى علم منه بدا علم ... وإن مضى علم منه بدا علم

فأقام في قرية المقادمة أَياماً وأرسل إلى ابن السيري من يجس مخاضته فوجده على أقبح سيرة وأخبث سريرة فارتحل السلطان عن المقادمة فكان دخوله دار السلام من جبلة يوم الجمعة الثالث عشر من المحرم فأقام في دار السلام ووصلت إليه القبائل من كل ناحية. واستخدم الرجال وبث الأموال. وأرسل ابن السيري صاحب بعد أن يطلب منه عسكراً بالجامكية فكره وامتنع عن تصدير عسكره إلى السلطان فتحقق السلطان فساده وإفساده ومكره وعناده. وكان جملة من تخلف عن الوصول إلى السلطان من القبائل يومئذ ابن السيري صاحب بعدان وعبد الباقي الصهباني. وعلي ابن داود الحبيشي صاحب الخضراء من حبل الشوافي. ثم إن السلطان تولاه الله يسير يوماً إلى ناحية اب. وكان ابن السيري قد رتب فيها نحواً من ألفي راجل. فلما قرب السلطان من المدينة أغلقوا باب المدينة وظهر منهم ما لم يكن في ظن أحد من الناس من السفه وقلة الأدب فرجع السلطان عنهم ولم يكن يومئذ قصده قتالهم فأقام في دار السلام أياماً ثم قصدهم يوم السبت الحادي والعشرين من المحرم فأغلقوا الأبواب وقاتلوا ساعة من نهار قتالاً شديداً فانهزم العسكر السلطاني هزيمة شديدةً. وثبت السلطان وولده أحمد الناصر ثباتاً حسناً. وتراجع الأمراء الكرام ثم حمل السلطان والعسكر حملة صادقة. وكانوا قد أرسلوا إلى ابن السيري يطلبون منه زيادة في العسكر فتأَخرت عنهم العادة فكسبهم السلطان ودخل عليهم العسكر المدينة قهراً وأخربها العسكر خراباً كلياً ونهبوا ما وجدوه فيها وقتلوا من أهلها جماعة ورجع السلطان إلى دار السلام ظافراً منصوراً.

وفي آخر الشهر المذكور أمر السلطان الطواشي جميل في قطعة من العسكر

<<  <  ج: ص:  >  >>