لمن يسكن معهما مسامحة فيها يزرعه فسكن الناس معهما حتى صارت هنالك قرية جيدة وانتفع الناس بها نفعاً عظيماً. قال علي ابن الحسن الخزرجي. وأظنها إنما سميت النوري نسبة إليه لكونه الذي أحيي ذلك الموضع وكان يلقب نور الدين كما ذكرنا. والله أعلم. وابتني بين المدينتين حصوناً كثيرة ومصانع ورتب فيها الرجال. وآثارها هنالك إلى عصرنا هذا وأمر بعمارة البرك وهو جبل متصل بالبحر فيما بين مكة واليمن ورتب فيه العساكر الجيدة لمحاربة بني أيوب. وأرسل الشيخ معيبد بن عبد الله الأشعري صاحب رفح إلى الشيخ موسى بن علي الكتاني صاحب حّلْي ابن يعقوب بأن يتصدى لمحاربة بني أيوب. وكان موسى بن علي الكتابي ممن يضرب به المثل في الجود والكرم. فلما وصل إليه الشيخ معيبد برسالة السلطان نور الدين سمع وأطاع. وقال: أي شيءٍ تحملني من ضيافة هذا الرجل يعني معيبداً. فقاد إليه خمسين فارساً فقادها معيبد بأسرها إلى السلطان نور الدين. فأثنى عليه عنده وقال صاحب هذه النفس يصلح لمن يجري عليه اسم الأمير فأَجرى عليه اسم الإمارة من ذلك الوقت.
وكان للسلطان نور الدين من الولد ثلاثة رجال وهم المظفر والمفضل والفائز. وكان المظفر أكبرهم. وظهر في أيام أميرية أبيه في مكة المشرفة سنة تسعة عشر وستمائة وقيل سنة عشرين وستمائة وهو الذي تولى الملك بعد أبيه وكان أبوه قد أقصاه وقدم أخويه عليه موافقة لأُمهما بنت حوزة وكانت قد غلبت عليه حتى أنه استحلف العسكر لابنه المفضل وهو أصغر من المظفر.
وكان شاعره التاج بن العطار. وهو أحد فضلاء أهل مصر والأديب محمد بن حمير أحد فضلاء أهل اليمن فاجتمعا يوماً في مجلس الشراب. فقال له أبن العطار يا مولاي إني شاعرك من الديار المصرية وأراك تفضل أبن حمير عليَّ وتنعم عليه أكثر مني. فقال له السلطان أنه حاضر القريحة سريع البديهة وأنتم يا أهل مصر وإن كنتم أهل فضل وأدب فإنكم تبطئون. ثم التفت إلى أبن حمير وقال له. ما تقول: