للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

له قد كان الشيخ يخطئ في بعض كلامهِ في المجالس فقال لا وأنكر عليَّ إنكاراً شديداً فلما كان الليل رأيت الشيخ بعد العشاءِ تمثلت لي صورته فقال لي أخطأْنا كثيراً ووقعنا كثيراً ولكن قلت منا العزائم وصفحت عنا الجرائم وسامبني البدع الموصوفون بضرهم إلا من كان فيه أربع خصال أن يكون لله لا له للناس لا لنفسه سالكاً طريقةً وهي طريقة واحدةُ تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام. ثم قال لي أحذر بنات الطريق فإنهن يلتمسن اللمحة والنظرة. فسئل الفقيه عن بنات الطريق فقال هي الكرامات التي تعرض للسالك في طريقه الذي لاحظها حجب عن مقصوده. وكانت وفاة الشيخ على الحال المرضي عازفاً عن السماع منذ مدة نهار الأربعاءِ لخمس بقين من جمادى الأولى من السنة المذكورة. وتربته مشهورة في بيت عطا وهي قرية من أعمال سردد وجعل عليه التاجر بن الخطبا قبة عظيمة والله أعلم.

وخلف الشيخ فيروز وكان فيروز كبير القدر وهو من أصحاب الشيخ محمد بن أبي بكر الحكمي صاحب عواجه. وكانت وفاته في سنة اثنتين وتسعين وستمائة. وفي هذه السنة المذكورة أيضاً توفي الأديب جمال الدين محمد بن حمير الشاعر المشهور. وكان أوحد شعراء عصره وهو من شعراءِ الدولة المنصورية وكان يصحب الشيخ والفقيه صاحبي عواجه وله فيهما عدة قصائد وشعره فيهما وفي غيرهما كثير مشهور متداول وله ديوان شعر جيد وهو عزيز الوجود. ورأيت بخط الفقيه الإمام العلامة أبي العباس أحمد بن عثمان بن بصيص النحوي بيتين من الشعر وهما

أَما قصائد قاسم بن هتيملٍ ... فمذاقها أحلى من الصهباءِ

هو شاعر في عصره فطن ول ... كن ابن حمير اشعر الشعراء

ويقال أن هذين البيتين لابن سحبان قالهما وقد سئل أي الشاعرين المذكورين اَفصح. وكانت وفاة ابن حمير في مدينة زبيد ودفن في مقبرة باب سهام شرقي قبر الشيخ الصالح مرزوق ابن حسن الصوفي بينهما الطريق هنالك إلى قرية المخريف

<<  <  ج: ص:  >  >>