فقال: ليس هذا بمنزل، فانهض بنا حتى نأتي أدنى ماء من مياه القوم فننزله، ونعور ما ورائنا من القلب، ثم نبني عليه حوضاً فنملؤه، فنشرب ولا يشربون.
فاستحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ذلك، وحال الله بين قريش وبين الماء بمطر عظيم أرسله، وكان نقمة على الكفار ونعمة على المسلمين، مهد لهم الأرض ولبدها، وبني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش يكون فيه.
ومشى صلى الله عليه وسلم في موضع المعركة، وجعل يريهم مصارع رؤوس القوم واحداً واحداً، ويقول:«هذا مصرع فلان غداً إن شاء الله، وهذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان» .
قال عبد الله بن مسعود: فو الذي بعثه بالحق ما أخطأ واحد منهم موضعه الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة يصلي إلى جذم شجرة هناك، وكانت ليلة الجمعة السابع عشر من رمضان، فلما أصبح وأقبلت قريش في كتائها، قال صلى الله عليه وسلم:«اللهم هذه قريش قد أقبلت في فخرها وخيلائها، تحادك وتحاد رسولك» .
ورام الحكيم بن حزام وعتبة بن ربيعة أن يرجعا بقريش فلا يكون قتال، فأبى ذلك أبو جهل، وتقاول هو وعتبة، وأمر أبو جهل أخا عمرو بن الحضرمي أن يطلب دم أخيه عمرو، فكشف عن أسته وصرخ: واعمراه! واعمراه! فحمي القوم ونشبت الحرب.