وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف، ثم رجع إلى العريش هو وأبو بكر وحده، وقام سعد بن معاذ وقوم من الأنصار على باب العريش يحمون رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، ثلاثتهم جميعاً يطلبون البراز، فخرج إليهم من المسلمين ثلاثة من الأنصار، وهم: عوف ومعوذ ابنا عفراء، وعبد الله بن رواحة، فقالوا لهم: من أنتم؟ فقالوا: من الأنصار، فقالوا: أكفاء كرام وإنما نريد بني عمنا، فبرز لهم علي وعبيدة بن الحارث وحمزة رضي الله عنهم، فقتل علي الوليد، وقتل حمزة عتبة، وقيل: شيبة، واختلف عبيدة وقرنه بضر بتين، فأجهد كل منهما صاحبه، فكر حمزة وعلي فتمما عليه واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله، فلم يزل طمثاً حتى مات بالصفراء رحمه الله تعالى ورضي عنه.
وفي الصحيح أن علياً رضي الله عنه كان يتأول قوله تعالى {هذان خصمان اختصموا في ربهم} في برازهم يوم بدر، ولا شك أن هذه الآية في سورة الحج، وهي مكية، ووقعة بدر بعد ذلك، إلا أن برازهم من أول ما دخل في معنى الآية.
ثم حمي الوطيس، واشتد القتال، ونزل النصر، واجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء، وابتهل ابتهالاً شديداً، حتى جعل رداؤه يسقط عن منكبيه، وجعل أبو بكر يصلحه عليه ويقول: يا رسول الله، بعض مناشدتك ربك، فإنه منجز