للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما ثاني ردود الإمام الشافعي على ثاني شروط (المتواتر) ، هو اشترط أن يرويه عدد كثير؛ فأنا أذكر مضمون رد الشافعي، وأحيل عليه. حتى لا أطيل بنقله، ثم بشرحه.

فأول ما بدأ الإمام الشافعي مناظرته مع ذلك الخصم، أراد أن يقرره بسبب اشتراط (العدد الكثير) أبين تقرير. فسأله الشافعي عما لو سمع هذا الخصم نفسه حديثاً من رجلٍ من أصحاب بدر، وهم المقدمون ومن أثنى الله تعالى عليهم في كتابه؛ فعلى مذهبه: لا يكون هذا الخبر حجة، لأنه خبر واحدٍ يمكن أن يتطرق إليه الغلط، ويرد عليه احتمال وقوع الخطأ.

إذن فـ (احتمال وقوع الغلط) من القوة، إلى درجة أن مشترط (العدد الكثير) لا ينتفي عنده هذا الاحتمال، حتى ولو سمع الخبر من أحد البدريين!! بل الذي يناظره الشافعي لا يحتج بذلك الخبر مطلقاً، لاحتمال وقوع الغلط فيه!!!

فبعد أن قرر الشافعي هذه القوة في ملاحظة (احتمال وقوع الغلط) عند خصمه، قال له: أليس من بعد البدريين وأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أولى أن لا يكون خبر الواحد منهم مقبولاً، لنقصهم عنهم في كل فضل، وأنه يمكن فيهم الغلط ما أمكن فيمن هو خير منهم، وأكثر منه؟!

فقال له خصمه: بلى (١) .

ثم حصر الإمام الشافعي وخصمه أيضاً صورة (العدد الكثير) في (المتواتر) في صورتين:

الأولى: أن يروى الحديث بأسانيد مختلفة عن عددٍ من


(١) انظر جماع العلم (رقم ٣١٣ - ٣١٤) .

<<  <   >  >>