وكلامنا عن هذا الطور سيختلف في منهجه عن كلامنا في سابقه، لطول زمن هذا الطور، وكثرة المصنفات فيه، ولأن غرضنا الاختصار وضرب الأمثلة فقط، دون استيعاب الكلام عن مناهج المصنفين.
لكن لما جعلنا كتاب ابن الصلاح حداً وقاسماً، وجب علينا تمييزه بمزيد إيضاح وبيان.
إن (معرفة أنواع علم الحديث) لا بن الصلاح (ت ٦٤٣هـ) من الكتب النادرة في العلوم الإسلامية، التي ما أن صنفت حتى أصبحت إماماً لأهل فنها، وهماً لطلاب ذلك العلم ولعلمائه، وأصلاً أصيلاً يرجعون إليه، ومورداً لا يصدرون إلا عنه ولا يحومون إلا عليه.
يقول الحافظ ابن حجر في وصفه: ((فهذب فنونه، وأملاه شيئا بعد شئ، فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المتناسب٠
واعتنى بتصانيف الخطيب المتفرقة، فجمع شتات مقاصدها، وضم اليها نخب فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره٠
فلهذا عكف الناس عليه، وساروا بسيره٠ فلا يحصى كم ناظم له