[المبحث الثالث: مثال تأثر علوم السنة بأصول الفقه من خلال نافذتها الثانية للتأثير عليها]
وهذا هو المثال الثاني، وهو للنافذة الثانية لأصول الفقه في التأثير على علوم السنة، وهي النافذة غير المباشرة: من خلال المنهج الذي بثته في الأوساط العلمية، ومن خلال أثر المنطق اليوناني شبعت به أساليب التفكير والتأليف لدى العلماء.
وتوضيح ذلك:
لقد تقدم أن علاقة أصول الفقه بالمنطق علاقة فرع بأصل، وبناءٍ بأساس. إلى درجة أن كثيراً من كتب أصول الفقه تقدم بمقدمة في علم المنطق الخالص، ليساعد على فهم أصول الفقه بعده.
وتقدم أيضاً أن علم أصول الفقه، بشرف موضوعه وغايته، فرض نفسه على الساحة العلمية، واحتوى بمسائله ومباحثه عقول عامة أهل العلم، من القرن الرابع، أو أواخره، ولم يزل اتساع ساحته واحتواؤه ونفوذه في ازدياد عبر القرون المتتابعة.
وعلم هذه أهميته، وهذا سلطانه، وتلك مملكته، قائم على علم المنطق، ومنبثق منه، ومتشقق عليه؛ هل سيسمح لأحدٍ من أهل العلم أن ينجو من أن يطبع عليه بطابعه؟!