لقد دخل القرن الرابع الهجري، وهو بالغ الثراء بذلك الإرث العظيم الذي خلفه له القرن الثالث. لا في مجال تدوين السنة وحده، بل في مجال علوم الحديث، واستمرار شيوع مصطلحاته أيضاً.
ولئن نوزع في اكتمال تدوين السنة جميعها في القرن الثالث، فلن ينازع في ذلك لهذا القرن
قال ابن المرابط: أبو عمرو محمد بن أبي عمرو عثمان بن يحيى الغرناطي (ت ٧٥٢هـ) : ((قد دونت الأخبار، وما بقي للتجريح فائدة، بل انقطع على راس أربعمائة)) (١) .
لكن القول السابق على هذا، وهو أن التدوين كان قد تم على راس سنة ثلاثمائة، هو الأرجح، الذي عليه جماعة من النقاد، والدليل قائم بإثباته، كما سبق.
وقد تزين هذا القرن، وهو القرن الرابع الهجري، بأمثال: أبي علي الحسين بن علي بن يزيد النيسابوري (ت ٣٤٩هـ) ، وأبي حاتم محمد بن حبان التستي (ت ٣٥٤هـ) ، وأبي القاسم سليمان
(١) فتح المغيث للسخاوي (٤/ ٣٦٣) ، والإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ (٩٢، ١٠٦) .