للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال الخصم: لكن الصورة المجموعة لتلك الأسانيد أبعدت احتمال الغلط.

قلت: استبعادك الغلط في تلك الأسانيد المجموعة، إنما جاء لاعتقادك أن الجماعة الذي رووا تلك الأسانيد، لا يمكن أن يتوارد خطؤهم على لفظٍ واحد. فأنت تقصد بـ (المتواتر) هنا (المتواتر اللفظي) ، فهذا الذي تظن أن احتمال الغلط لا يتطرق إليه.

لكن أليس من المحتمل أن تكون تلك الأسانيد المتفرقة إسناداً واحداً، أو إسنادين، أو أكثر من ذلك مما لا يبلغ درجة إفادة العلم عندك؟

فإن قلت: لا

قلنا: لم؟! ألا يمكن أن يبدل أحد الرواة، راوياً بآخر، أو شيخاً بشيخ غلطاً، أو وصل مرسلاً مآله إلى موصولٍ لآخر، أو أسقط الراوي ـ سهواً أو عمداً (بالتدليس) ـ ضعيفاً، وهذا الضعيف كان قد ركب إسناداً على متن ... أو غير ذلك احتمالات الوهم.

ثم هل نسيت أن (استحالة التواطؤ على الكذب) ببعد البلدان: قد بينا لك أنها استحالة لا تستفاد من ذلك. إذن فيمكن في كل إسنادٍ من تلك الأسانيد أن يرد إليه احتمال الكذب المتعمد أيضاً، على مذهبك أنت!!

هذا كله فيما لو كان التواتر (لفظياً) ، أما إذا كان (معنوياً) ؛ فترد عليه الاحتمالات السابقة كلها، ويزاد عليها: احتمال الغلط في فهم الحديث، وفي سوء روايته بالمعنى، حتى أوهم توافق الأحاديث، وهي في الحقيقة أحاديث مختلفة، بمعانٍ لا يشهد بعضها لبعض!

<<  <   >  >>