للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا الضرب من الحديث يحصل به العلم المكتسب، وذلك مثل الأحاديث التي رويت في القدر والرؤية والحوض ...

(إلى أن قال:) والضرب الثاني: أن يكون مروياً من جهة (الآحاد) ، ويكون مستعملاً في الدعوات والترغيب والترهيب والأحكام..)) (١) .

فانظر ـ حفظك الله ـ كيف قسم (أخبار الخاصة) : إلى ما يسمى بـ (المتواتر) ، وما سماه هو بـ (الآحاد) ؛ فـ (خبر الخاصة) عنده شامل لكلا القسمين ‍‍‍‍

ولن أدخل في مناقشة هذا التقسيم الآن، وبيان منزعه القائد إليه، فهذا مما سيأتي ـ إن شاء ربي ـ ذكره (٢) . لكن الغرض من ذكر هذا النقل عن البيهقي، حتى تعلم كيف فهم أئمة الشافعية كلام إمامهم.

ولم يتفرد البيهقي دون بقية الشافعية بهذا الفهم لكلام إمامه، بل هو مسبوق إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير ‍

حيث إن تقسيم الشافعي (دون البيهقي) هو التقسيم الحديثي الحقيقي للسنن، وهو التقسيم الذي يوافقه عليه كل من له ممارسة لعلم الحديث، ممن لم يتأثر بذلك التقسيم الغريب على علوم السنة، النابع منت علمٍ دخيل على معارف الأمة وحضارتها.

ولذلك تجد حافظاً من كبار أئمة الحديث ونقادهم، وهو شافعي معتز بشافعيته (٣)

أيضاً، وله علم واسع كذلك بـ (علم


(١) دلائل النبوة للبيهقي (١ / ٣٢) .
(٢) انظر (ص ١٩٩) .
(٣) انظر لمثل قوله في صحيحه (٥ / ٤٩٧ - ٤٩٨عقب الحديث رقم ٢١٢٥) : ((ولا يتوهمن متوهم أن الجمع بين الأخبار على حسب = ما جمعنا بينها في هذا النوع من أنواع السنن = يضاد قول الشافعي رحمه الله ورضوانه عليه، وذلك أن كل أصلٍ تكلمنا عليه في كتبنا، أو فرع استنبطناه من السنن في مصنفاتنا، هي كلها قول الشافعي، وهو راجع عما في كتبه، وإن كان ذلك المشهور من قوله. وذاك أني سمعت ابن خزيمة يقول: سمعت المزني يقول: سمعت الشافعي يقول: إذا صح لكم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذوا به ودعوا قولي ... )) ـ إلى آخر كلامه وهو مهم.

<<  <   >  >>