((وذكر الحدود المحققة أمر أجنبي عن هذا الفن، فلا حاجة إلى التطويل فيه)) (١) .
فإذا كانت صناعة المعرفات المنطقية أجنبية عن مصطلح الحديث، وتباينه في نسبها (العربي) وسحنتها (اليسر والبعد عن التكلف) = فلن يكون في تسليط معاييرها عليه ـ في الغالب ـ إلا جور عليها: بتحجير واسعها، أو توسيع ضيقها. وفي أقل الأحوال: أن تطول الطريق إلى معرفة الصواب، بما أشار إليه شيخ الإسلام من كثرة الاعتراضات على المعرفات، وتسويد الصفحة والصفحات في ذلك. مع أنهم يزعمون أنهم يسعون للتعريف المختصر المحرر بالجمع والمنع، وينتقدون التعريف المطول بالشرح والمثل. فلو أنهم كتبوا تعريفاً في نصف صفحة، يقوم بالمقصود، ألم يكن خيراً من تلك الصفحة أو الصفحات من الاعتراضات، التي لا تخرج معها بطائل؟!!
وهذا كله أمر خطير، خاصةً ما يقع خطأ دون قصدٍ من بعض المصنفين في بعض العلوم (كعلم الحديث) ، بسبب تأثرهم بصناعة المعرفات المنطقية: من تضييق الواسع من مدلولات المصطلحات، أو توسيع الضيق منها، كما قلناه آنفاً. لأن ذلك سوف ينعكس بتشويش ذلك العلم، الذي يتكون من تلك المصطلحات، تشويشاً قد يؤدي إلى استغلاق فهمه، أو فهمه على غير فهومه، أو ظهور تناقضٍ فيه، أو بانقلاب قواعده وضوابطه.. إلى غير ذلك، مما قد يصعب حله وتجاوزه، إلا بإعادة النظر في معاني تلك المصطلحات.
لكن الأخطر من ذلك كله، والكارثة التي قد تدمر ذلك
(١) توضيح الأفكار شرح تنقيح الأنظار للصنعاني (١/١٥٨) .