وهؤلاء ما بين القرن الثاني والثالث، فهم لب (أهل الاصطلاح) وقلبهم. فلا يقال عن هؤلاء: هل ساروا على المنهج الصحيح في فهم مصطلح الحديث؟
ولم نزل في حاجةٍ ماسةٍ إلى دراسة كلامهم، في تلك الرسائل والمقدمات، دراسة تفهم، بعمقٍ كبير، دون أن نسلط على كلامهم فهوم من جاء بعدهم من غير (أهل الاصطلاح) .
وقد قدم الحافظ ابن رجب الحنبلي لذلك مثلاً رائعاً في شرحه لعلل الترمذي، غير أن شرحه هذا هو نفسه في حاجةٍ إلى دراسة
ثم في القرن الرابع الهجري: كتب الإمام الناقد ابن حبان البستي مقدمة صحيحه: (التقاسيم والأنواع) ، ومقدمة (المجروحين) ، ومقدمة (الثقات) . وتعد هذه المقدمات ـ وخاصة مقدمة الصحيح والمجروحين ـ من أهم ما كتب في علوم الحديث، لأنها: أولاً لإمام من أعيان علماء السنة في القرن الرابع، فهو لهذا من (أهل الاصطلاح ٩. ثم لما حوته من مباحث مهمة، وقواعد لا يستغنى عن العلم بها.
وفي القرن الرابع أيضاً: كتب الإمام أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي (ت ٣٨٨هـ) مقدمة كتابه (معالم السنن ـ في شرح سنن أبي داود ـ) . ومع أن ما ذكره في تلك المقدمة كان قصيراً جداً، إلا أنه كان بها أول من قسم الحديث (من حيث القبول والرد) إلى ثلاثة أقسام صريحة: صحيح، وحسن، وضعيف.
ثم كتب أيضاً الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن خلف القابسي (ت ٤٠٣هـ) مقدمة لكتابه (مختصر الموطأ عن مالك) المعروف بـ (المخلص) ، تناول في هذه المقدمة: مسائل في