للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطيب لا يقدم الوصل على الإرسل مطلقاً، كما فهم من كلامه.

بل وفي (الكفاية) للخطيب ما يدل على عدم صحة نسبة ذلك القول إليه، بتقديم الوصل على الإرسال مطلقاً. إذ بين الخطيب أسباب كتابة المحدثين للمراسيل من الأحاديث، فقال خلال ذلك: ((ومنهم من يكتبها على معنى المعرفة، ليعل المسندات بها. لأن في الرواة من يسند حديثاً يرسله غيره، ويكون الذي أرسله أحفظ وأضبط، فيجعل الحكم له)) (١) .

وهذا كله كما ترى، واضح من القول، في بيان مذهب الخطيب من هذه المسألة.

ثم جاء ابن الصلاح، ونظر في القول الذي رجحه الخطيب، فحمله على غير ظاهره، وبما يناقض به تصرفات الخطيب وأقواله الأخرى، مبيناً سبب اختياره له وموافقته عليه، فقال: ((وما صححه (يعني الخطيب) هو الصحيح في الفقه وأصوله)) ، ثم ذكر ابن الصلاح النقل الذي كان احتج به الخطيب لمذهبه (٢) .

مع أن مذهب الخطيب واستدلاله له مختلف عن المذهب الذي اختاره ابن الصلاح واستدلاله!!

وقد بين الحافظ ابن رجب والحافظ ابن حجر وغيرهما أن كلام البخاري، الذي نقله الخطيب وتبعه ابن الصلاح، لا يدل على قبول الزيادة في لإسناد مطلقاً (٣) . وهذا وحده ينفع أن


(١) الكفاية للخطيب (٤٣٤) .
(٢) علوم الحديث لابن الصلاح (٧٢) .
(٣) انظر شرح العلل لابن رجب (٢/ ٦٣٨) ، والنكت على كتاب ابن الصلاح (٢/ ٦٠٧- ٦٠٨) ، وفتح المغيث للسخاوي (١/٢٠٣) .

<<  <   >  >>