للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علمت مدى قوة العلاقة بينهما. فإن الذي يرسل الحديث،: انه أطلق روايته، فانبعثت دون قيد أو ظابط، فلا يمكن لذلك الوقوف منها على يقين، أو الاحتجاج بها.

والذي يجزم بأن معنى ٠ الترك والإطلاق والتخلية) هو المعنى الملحوظ في مصطلح (الإرسال) ، عند أئمة التابعين، هذا النقل الآتي عن الزهري. فعن عتبة بن أبي حكيم: ((أنه كان عند إسحاق بن أبي فروة، وعنده الزهري. قال: فجعل ابن أبي فروة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له الزهري: قاتلك الله يا ابن أبي فروة! ما أجرأك على الله عز وجل!! ألا تسند حديثك؟! ألا تسند حديثك؟! تحدثنا بأحاديث ليس لها خطم ولا أزمة (١)

أرأيت قول الزهري: ((ليس لها خطب ولا أزمة)) في وصف (مراسيل) ابن أبي فروة، هذا هو (الإطلاق والتخلية) . وهذا صريح في بيان المعنى اللغوي المراد في مصطلح (الإرسال) ، وفي بيان العلاقة القوية بين المعنيين: اللغوي والاصطلاحي، كما تقدم.

وفي الحقيقة، فإن قوة علاقة المعاني اللغوية بالمعاني الاصطلاحي في مصطلحات الحديث، لا يحتاج على كل هذا الاستدلال. إذ يكفي للدلالة على ذلك، شيوع تلك الألفاظ بمعانيها الاصطلاحية، بين نقلة الحديث وعلمائه، دون اجتماع واتفاق سابق بينهم على استخدامها بتلك المعاني الجديدة؛ ودون غيرها منت الألفاظ، التي كان من الممكن أن تؤدي الغرض نفسه أو بعض الغرض. مما يؤكد أن تلك الألفاظ التي اصطلح على استخدامها بتلك المعاني، لها من معناها اللغوي، أقوى علاقة


(١) انظر الحاشية رقم (٥) ، (ص ٣٧) .

<<  <   >  >>