فإذا كان تدوين السنة قد بلغ هذا المبلغ مت التطور، إلى درجة التدوين المرتب المصنف موضوعياً، فضلاً عن شيوعه بين العامة من أهل العلم حينها = فإن مصطلح الحديث لا بد وأنه واكبه في هذا التطور، ورافقه في هذه المرحلة الزاخرة بالمستجدات.
ففي هذا العصر ـ عصر أتباع التابعين ـ يقل أن تجد مصطلحاً من مصطلحات الحديث، إلا وقد تداوله العلماء من أهل هذا العصر، ودار على ألسنتهم، في التعبير عن أحوال الرواية المختلفة، وعن مراتب الرواة قبولاً ورداً.
وإذا تذكرنا أن هذا العصر، هو عصر: شعبة بن الحجاج (ت ١٦٠هـ) ، ومالك بن أنس (ت١٦٧ هـ) ، وسفيان الثوري (ت ١٦١هـ) ، وحماد بن سلمة (ت ١٦٧هـ) ، والليث بن
سعد (ت ١٧٥هـ) ، وعبد الله بن المبارك (ت ١٨١هـ) ، وهشيم بن بشير (ت ١٨٣هـ) ، وسفيان بن عيينة (ت ١٩٨هـ) ، وعبد الله بن وهب (ت ١٩٧هـ) ، ووكيع بن الجراح (ت ١٩٧هـ) ، ومحمد بن إدريس الشافعي (ت ٢٠٤هـ) ، ويزيد بن هارون الواسطي (ت ٢٠٦هـ) ، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت ٢١١هـ) .
بل وفي هذا العصر: الإمامان الجبلان: يحيى بن سعيد القطان (ت ١٩٨هـ) ، وعبد الرحمن بن مهدي (ت ١٩٨هـ) .
إذا تذكرت ذلك (يا من له اطلاع على هذا العلم) علمت المدى الذي بلغته علوم الحديث في هذا العصر. ولا يبقى لديك شك في أن جل أنواع علوم الحديث وأجلها، تكلم عنه علماء هذا العصر، باسمه الذي صار علماً عليه ن ومصطلحاً له دلالته العرفية بين أهل الفن.