للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سنة ثلاثمائة: انقرض عهد الرواة الذين يروون ما لا يوجد في الدنيا مكتوباً إلا في محفوظ صدورهم، ولم يبق ـ بعد أولئك ـ إلا المحدثون المقيدون للسماعات على النسخ الحديثة (١)

وتدوين السنة جميعها بانتهاء القرن الثالث، هو ما جعل الأئمة بعد ذلك يتخففون من شروط الراوي والرواية (أي في العدالة والضبط) ، لأن الغرض من الرواية أصبح الإبقاء على خصيصة الإسناد لهذه الأمة، وليس تقييدها بالكتابة وجمعها خوفاً من ضياع أو تفلت شيءٍ منها، إذ هذا ما ضمن عدم وقوعه بتمام تدوين السنة على رأس سنة ثلاثمائة.

ومما يدل على صواب الفترة الزمنية لتمام تدوين السنة التي ذكرها الإمام الذهبي، وهي رأس سنة ثلاثمائة، هو أن أ؛ د حفاظ القرن الرابع الهجري، وهو أبو عبد الله الحاكم النيسابوري (ت ٤٠٥هـ) ، قد نص على ذلك التخفف في شروط العدالة والضبط، لأهل زمانه، بل لم يذكر في الضبط إلا ما يتعلق بضبط الكتاب (٢) . مما يدل على أن السنة قد تم تدوينها، قبل الجيل الذي عاصره الحاكم، وهو مولود سنة (٣٢١هـ) ، ومتوفي سنة (٤٠٥هـ) .

وممن نص على ذلك التخفف في شروط العدالة والضبط ك الإمام البيهقي (ت ٤٥٨) ، وكلامه في ذلك كلام نفيس يلزم الوقوف عليه لمن أراد معرفة ضوابط ذلك التخفف (٣) . ويمتاز


(١) ميزان الاعتدال ـ المقدمة ـ (١/٤) .
(٢) معرفة علوم الحديث للحاكم (١٥ - ١٦) ، ووازن بفتح المغيث للسخاوي (٢/ ١٠٨) .
(٣) انظر معرفة أنواع علوم الحديث لابن الصلاح ـ المطبوع باسم: علوم الحديث ـ (١٢٠ - ١٢١) ، والتبصرة والتذكرة للعراقي (١/ ٣٤٦ - ٣٤٩) ، وفتح المغيث للسخاوي (٢/ ١٠٦ - ١٠٨) ، وتدريب الراوي للسيوطي (١/ ٣٠٤ - ٣٠٥) ، وتوضيح الأفكار للصنعاني (٢/٢٥٩ - ٢٦١) .

<<  <   >  >>