للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقلت: هذا مما لا يخالك فيه أحد علمته. فما الوجه الثاني؟

قال: (تواتر الأخبار)

فقلت له: حدد لي (تواتر الأخبار) بأقل مما يثبت الخبر، واجعله له مثالاً، لنعلم ما يقول وتقول؟

قال: نعم، إذا وجدت هؤلاء النفر، للأربعة الذين جعلتهم مثالاً (١) ، يروون، فتتفق رواياتهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم شيئاً أو أحل = استدللت على أنهم: بتباين بلدانهم، وأن كل واحدٍ منهم قبل العلم عن غير الذي قبله عنه صاحبه، وقبله عنه من أداه إلينا، ممن لم يقبل عن صاحبه = أن روايتهم إذا كانت هكذا تتفق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالغلط لا يمكن فيها ... )) (٢) .

إذن فهذا هو (المتواتر) بلفظه ومعناه عند الأصوليين، هو غير (خبر العامة) و (السنة المجتمع عليها) ، كما ينص عليه هذا النقل!!!

وأيضاً فهذا يعني أن الإمام الشافعي عندما ترك لفظ (المتواتر) أثناء كلامه في كتابه (الرسالة) عن خبر الواحد، لم يكن تركه إياه لأنه لم يكن معروفاً بهذا اللفظ عنده، ولا لأنه استبدله بما يرادف معناه (فهذا ما أبطلناه الآن) ؛ ولكن لأنه قسم لم يرض الإمام الشافعي تقسيم الخبار على اعتباره، كما في كلام خصمه الذي نقلناه هنا.

وإلا فلم هجر الإمام الشافعي هذا اللفظ ومعناه:


(١) هم: سعيد بن المسيب (المدني) ، وعطاء بن أبي رباح (المكي) ، وعلقمة النخعي (الكوفي) ، والحسن بن أبي الحسن (البصري) . انظر جماع العلم (رقم ٢٨٢ ـ ٢٨٥) .
(٢) جامع العلم (ص ٥٥ - ٥٦ رقم ٢٩٧- ٣٠٩) .

<<  <   >  >>