بهم فأُدركوا فاحتُبسوا، ثم نادى مناد:{أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} قفوا، وانتهى إليهم رسوله، فقال لهم - فيما يذكرون -: ألم يكرمكم ضيافتكم ويوفّكم كيلكم، ويحسن منزلتكم، ويفعل بكم ما لم يفعل بغيركم، وأدخلناكم علينا في بيوتنا ومنازلنا؟ أو كما قال لهم، قالوا: بلى وما ذاك؟ قال: سقاية الملك فقدناها، ولا نتّهم عليها غيركم، {قَالُواْ تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} .
قال البغوي: فإن قيل: كيف قالوا: لقد علمتم ومن أين علموا ذلك؟ قيل: قالوا: لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض، فإنا منذ قطعنا هذا الطريق لم نرزأ أحدًا شيئًا فاسئلوا عنا من مررنا به: هل ضررنا أحدًا؟ وعن ابن عباس في قوله:{نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ} ، يقول: كفيل.
وقال معمر: بلغنا في قوله: {قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ} ؟ أخبروا يوسف بما يحكم في بلادهم، أنه من سرق أخذ عبدًا فقالوا: ... {جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} ، قال ابن إسحاق: أي: سلّم به، {كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} ، أي: كذلك نصنع بمن سرق منا.
وعن قتادة: قوله: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ} ذكر لنا أنه كان لا ينظر في وعاء إلا استغفر الله تائبًا مما قذفهم به، حتى بقي أخوه، وكان أصغر القوم قال: ما أرى هذا أخذ شيئًا قالوا: بلى فاستبره، ألا وقد علموا حيث وضعوا سقايتهم، {ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ} ، قال ابن إسحاق: فأخذ برقبته فانصرف به إلى يوسف، يقول الله:{كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ} قال مجاهد: إلا فعلة كادها الله فاعتلّ بها يوسف.
وعن قتادة: قوله: {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ} ، يقول: ما كان ذلك في قضاء الملك أن يتعبّد رجلاً بسرقة. وقال معمر: كان في حكم الله: أن من سرق ضوعف عليه الغرم.