فلما بعث الله رسوله من قريش واتبعناه، كفروا به. يقول الله تعالى:{فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ} .
قال مجاهد:{بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ} ، يهود شروا الحق بالباطل، وكتمان ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - بأن يبينوه. وقال السدي: ... {بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ} يقول: باعوا أنفسهم. يقول: بئسما اعتاضوا لأنفسهم، فرضوا به، وعدلوا إليه، من الكفر بما أنزل الله على محمد - صلى الله عليه وسلم -، عن تصديقه ومؤازرته ونصرته، وإنما حملهم على ذلك البغي والحسد والكراهية، {أَن يُنَزِّلُ اللهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} ولا حسد أعظم من هذا. وقال ابن عباس في قوله:{فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} فغضب الله عليهم فيما كانوا ضيعوا من التوراة وهي معهم، وغضب الله عليهم بكفرهم بهذا النبي الذي بعث الله إليهم.
وقوله تعالى:{وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ} ، قال ابن كثير: لما كان كفرهم سببه البغي والحسد، ومنشأ ذلك التكبر، قوبلوا بالإهانة والصغار في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} أي: صاغرين ذليلين.