, فأنزل الله عليه:{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا بلغ:{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} ألقى عليها الشيطان كلمتين: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهنّ لترجى؛ فتكلّم بها. ثم مضى فقرأ السورة كلّها، فسجد في آخر السورة، وسجد القوم جميعًا معه، ورفع الوليد بن المغيرة ترابًا إلى جبهته
فسجد عليه، وكان شيخًا كبيرًا لا يقدر على السجود، فرضوا بما تكلم به وقالوا: قد عرفنا أن الله يحيي ويميت، وهو الذي يخلق ويرزق، ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده، إذ جعلت لها نصيبًا، فنحن معك، قالا: فلما أمسى أتاه جبريل عليه السلام، فعرض عليه السورة، فلما بلغ الكلمتين اللتين ألقى الشيطان عليه قال: ما جئتك بهاتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «افْتَرَيْتُ على الله، وقلتُ على الله ما لم يَقُلْ» . فأوحى الله إليه:{وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} إلى قوله: {ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} . فما زال مغمومًا مهمومًا حتى نزلت عليه:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} . قال: فسمع من كان من المهاجرين بأرض الحبشة أن أهل مكة قد أسلموا كلهم، فرجعوا إلى عشائرهم وقالوا: هم أحبّ إلينا، فوجدوا القوم قد ارتكسوا حين نسخ الله ما ألقى الشيطان. رواه ابن جرير وغيره.