للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٢٣) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥) الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦) } .

قال ابن جرير في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} يقول تعالى ذكره: إن الذين يرمون بالفاحشة {الْمُحْصَنَاتِ} يعني: العفيفات {الْغَافِلَاتِ} عن الفواحش، {الْمُؤْمِنَاتِ} بالله ورسوله وما جاء به من عند الله، {لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} ، يقول: أُبعدوا من رحمة الله في الدنيا والآخرة، {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} وذلك عذاب جهنم. وعن جعفر بن برقان قال: سألت ميمونًا قلت: الذي ذكر الله: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء} إلى قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} فجعله في هذه الآية توبة، وقال في الأخرى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} إلى قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ، قال ميمون: أما الأولى فعسى أن تكون قد قارفت، وأما هذه فهي التي لم تقارف شيئًا من ذلك. وقال ابن زيد: هذا في عائشة، ومن صنع اليوم في المسلمات فله ما قال الله.

وقوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، قال قتادة: ابن آدم، والله إن عليك لشهودًا غير متهمة من بدنك، فراقبهم واتق الله في سرك وعلانيتك، فإنه لا يخفى عليه خافية. الظلمة عنده ضوء، والسرّ عنده علانية، فمن استطاع أن يموت وهو بالله حَسَنُ الظنّ فليفعل، ولا قوة إلاَّ بالله.

<<  <  ج: ص:  >  >>