قال البغوي: قوله عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً} ، يعني: علم القضاء ومنطق الطير والدواب، وتسخير الشياطين، وتسبيح الجبال، {وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا} ، بالنبوة، والكتاب، وتسخير الشياطين، والجنّ والإنس، {عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} ، نبوته وعلمه وملكه دون سائر أولاده، وكان لداود تسعة عشر ابنًا، وأعطى سليمان ما أعطى داود: الملك، وزيد له: تسخير الريح، وتسخير الشياطين. وقال مقاتل: كان سليمان أعظم ملكًا من داود وأقضى منه، وكان داود أشدّ تعبّدًا من سليمان، وكان سليمان شاكرًا لنعم الله تعالى.
{وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ} ، سمّى صوت الطير منطق لحصول الفهم منه كما يُفهم من كلام الناس. روي عن كعب قال: صاح ورشان عند سليمان عليه السلام فقال: أتدرون ما يقول: قالوا: لا، قال: فإنه يقول: لِدُوا للموت، وابنوا للخراب. وصاح طاووس فقال: أتدرون ما يقول: قالوا: لا، قال: فإنه يقول: كما تَدين تُدان. وصاح صرد
فقال: أتدرون ما يقول: قالوا: لا، قال: فإنه يقول: استغفروا الله يا مذنبين. وهدرت حمامة فقال: أتدرون ما تقول: قالوا: لا، قال: فإنها تقول: سبحان ربي الأعلى ملء سمائه وأرضه. قال: والغراب يدعو على العشا. والحدأة تقول: كل شيء هالك إلا الله. والقطاة تقول: من سكت سلم. والضفدعة تقول: سبحان المذكور بكل لسان.