قال ابن كثير: يذكر تعالى نعمه على خلقه في إرساله الرياح مبشّرات بين يدي رحمته بمجيء الغيث عقبها، ولهذا قال تعالى:{وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} ، أي: المطر الذي ينزله فيحيي به البلاد والعباد، {وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ} ، أي: في البحر، {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} ، أي: في التجارات، والمعايش. والسير من إقليم إلى إقليم، وقطر إلى قطر. ... {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ، أي: تشكرون الله على ما أنعم به عليكم من النعم الظاهرة والباطنة التي لا تعد ولا تحصى.
ثم قال تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} هذه تسلية من الله تعالى لعبده ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه وإن كذّبه كثير من قومه ومن الناس، فقد كُذّبت الرسل المتقدّمون مع ما جاءوا أممهم به من الدلائل الواضحات، ولكن انتقم الله ممن كذّبهم وخالفهم وأنجى المؤمنين بهم {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} ، أي: هو حق أوجبه على نفسه الكريمة تكرّمًا وتفضلاً، كقوله تعالى: ... {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} .