للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قتادة في قوله: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ} ، قال: كانت جنتان بين جبلين، فكانت المرأة تخرج مكتلها على رأسها فتمشي بين جبلين فيمتلئ مكتلها وما مسّت يدها، فلما طغوا بعث الله عليهم دابة يقال لها: جرذ، فنقبت عليهم ففرّقتهم فما بقي لهم إلا أثل وشيء من سدر قليل. وقال المغيرة بن حكيم: لما ملكت بلقيس جعل قومها يقتتلون على ماء واديهم، قال: فجعلت تنهاهم فلا يطيعونها،

فتركت ملكها وانطلقت إلى قصر لها وتركتهم، فلما كثر الشر بينهم وندموا أتوها، فأرادوها على أن ترجع إلى ملكها فأبت، فقالوا: لترجعنّ أو لنقتلنك، فقالت: إنكم لا تطيعونني، وليست لكم عقول، ولا تطيعوني، قالوا: فإنا نطيعك، وإنا لم نجد فينا خيرًا بعدك، فجاءت قال: فسدّت ما بين الجبلين فحبست الماء من وراء السد، وجعلت له أبوابًا بعضها فوق بعض وبنت من دونه بركة ضخمة، فجعلت فيها اثني عشر مخرجًا على عدّة أنهارهم، فلما جاء المطر احتبس السيل من وراء السد، فأمرت بالباب الأعلى ففُتح فجرى ماؤه في البركة، وأمرت بالبعر فألقي فيها فجعل بعض البعر يخرج أسرع من بعض، فلم تزل تضيق تلك الأنهار، وترسل البعر في الماء حتى خرج جميعًا معًا، فكانت تقسمه بينهم على ذلك، حتى كان من شأن سليمان وشأنها ما كان.

وقال البغوي: والعرم - جمع عرمة - وهي: المسكر الذي يحبس به الماء. قال قتادة: لما ترك القوم أمر الله بعث الله عليهم جرذًا يسمى: (الخلد) فنقبه من أسفله حتى غرّق به جنتيهم، وخرب به أرضهم عقوبة بأعمالهم. وقال ابن عباس: أبدلهم الله مكان جنتهم {جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ} ، والخمط: الأراك. قال قتادة: وأكله بريرة.

وقوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} ؟ قال مقاتل: هل يكافأ بعمله السيِّئ إلا الكفور لله في نعمه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>