وقال ابن كثير: يقول تبارك وتعالى: {قُلْ} يا محمد لهؤلاء الكافرين الزاعمين أنك مجنون: {إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ} ، أي: إنما آمركم بواحدة وهي: {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} ، أي: تقوموا قيامًا خالصًا لله عزّ وجلّ من غير هوى ولا عصبيّة، فيسأل بعضكم بعضًا: هل بمحمد من جنون؟ فينصح بعضكم بعضًا، {ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} ، أي: ينظر الرجل لنفسه في أمر محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويسأل غيره من الناس عن شأنه إن أشكل عليه ويتفكّر في ذلك؛ ولهذا قال تعالى:{أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} .
وقوله تعالى:{إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} . روى الإمام أحمد من حديث بريدة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إنما مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا عدوًا يأتيهم، فبعثوا رجلاً يتراءى لهم، فبينما هم كذلك أبصر العدو، فأقبل لينذرهم وخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه، فأهوى بثوبه أيها الناس أتيتم، أيها الناس أتيتم، ثلاث مرات» ؛ وقال - صلى الله عليه وسلم -: «بعثت أنا والساعة جميعًا، إن كادت لتسبقني» .