قال مجاهد وغيره: جاء أبيّ بن خلف - لعنه الله - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي يده عظم رميم، وهو يفته ويذروه في الهواء وهو يقول: يا محمد أتزعم أن الله يبعث هذا؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: «نعم. يميتك الله تعالى ثم يبعثك، ثم يحشرك إلى النار» ، ونزلت هذه الآيات من آخر سورة يس:{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ} إلى آخرهن.
وقوله تعالى:{فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ} ، قال البغوي: جدل بالباطل بين الخصومة، يعني: إنه مخلوق من نطفة، ثم يخاصم. فكيف لا يتفكر في بدوّ خلقه حتى يدع الخصومة! {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ} بدء أمره {قالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} بالية؟ {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً} . قال ابن عباس: هما شجرتان يقال لإحداهما: المرخ. والأخرى: العفار، فمن أراد منهم النار قطع منهما غصنين مثل السواكين وهما خضراوان يقطر منهما الماء فيسحق المرخ على العفار فتخرج منهما النار بإذن الله عز وجل؛ تقول
العرب: في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار، {فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} ، أي: تقدحون، وتوقدون النار من ذلك الشجر. ثم ذكر ما هو أعظم من خلق الإنسان، فقال:{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِقَادِر عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى} ، أي: قل: بلى، هو قادر على ذلك، {وَهُوَ الْخَلاقُ} يخلق