بلسان عربيّ مبين، لا اعوجاج فيه ولا انحراف، ولا لَبْس. بل هو بيان ووضوح وبرهان؛ وإنما جعله الله تعالى كذلك وأنزله بذلك، {لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} ، أي: يحذرون ما فيه من الوعيد ويعملون بما فيه من الوعد.
وعن قتادة: قوله: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ} ، قال: هذا المشرك يتنازعه الشياطين. {وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ} ، قال: هو المؤمن أخلص الدعوة لله والعبادة. وقال ابن زيد: أرأيت الرجل الذي فيه شركاء متشاكسون؟ كلهم سيِّئ الخلق، ليس منهم واحد إلا تلقاه آخذًا بطرف من مال لاستخدامه أسوأهم والذي لا يملكه إلا واحد، فإنما هذا مثل ضربه الله لهؤلاء الذين يعبدون الآلهة وجعلوا لها في أعناقهم حقوقًا، فضربه الله مثلاً لهم وللذي يعبده وحده {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} . قال البغوي: وهذا استفهام إنكار، أي: لا يستويان. ثم قال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ} ، أي: لله الحمد كلّه دون غيره من المعبودين {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} ما يصيرون إليه.
المحقّ والمبطل، والظالم والمظلوم. قال ابن كثير: وقوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} ، هذه الآية من الآيات التي استشهد بها الصدّيق رضي الله عنه عند موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى تحقق الناس موته، مع قوله عزّ وجل:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} .