فرجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوافوه في البطحاء فقرأ عليهم القرآن وأمرهم ونهاهم، {وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ} لا يعجز الله فيفوته، {وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء} أنصار يمنعونه من الله، {أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} . انتهى ملخصًا. وقال ابن كثير: فدعوا قومهم بالترغيب والترهيب، ولهذا نجح في كثير منهم، وجاءوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفودًا وفودًا. والله أعلم.
قال البغوي:{وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ} لم يعجز عن إبداعهن. وقال ابن كثير: يقول تعالى: أولم يروا هؤلاء المنكرون للبعث يوم القيامة، المستبعدون لقيام الأجساد يوم المعاد:{أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ} ، أي: ولم يلوّثه خلقهن، بل قال لها: كوني فكانت، بلا ممانعة ولا مخالفة بل طائعة مجيبة خائفة وجلة، أفليس ذلك {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، وقوله تعالى:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} ، قال عطاء
الخراساني: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد - صلى الله عليه وسلم -. وقال ابن زيد في قوله:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} ، قال: كل الرسل كانوا أولي عزم، لم يتخذ الله رسولاً إلا كان ذا عزم، فاصبر كما صبروا. وقال بعضهم: الأنبياء كلهم أولوا عزم إلا يونس بن متى، لعجلة كانت منه ألا ترى أنه قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ} . وقال البغوي: قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ} ،