عن ابن عباس في قوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} قال: كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون: لوددنا أن الله دلّنا على أحبّ الأعمال إليه فنعمله، فأخبر الله نبيّه: أن أحبّ الأعمال إليه إيمان بالله لا شكّ فيه، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقرّوا به، فلما نزل الجهاد كره ذلك أناس من المؤمنين وشقّ عليهم أمره فقال الله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} . وعن مجاهد في قول الله:{لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} إلى قوله: {مَّرْصُوصٌ} فيما بين ذلك، في نفر من الأنصار فيهم عبد الله بن رواحة، قالوا: في مجلس: لو نعلم، أي الأعمال أحبّ إلى الله لعملنا بها حتى نموت، فأنزل الله هذا فيهم، فقال عبد الله بن رواحة: لا أزال حبيسًا في سبيل الله حتى أموت، فقتل شهيدًا. وعن قتادة: قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} ، يؤدّبهم ويعلّمهم كما تسمعون، {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ} ، وكانت رجال تخبر في القتال بشيء لم يفعلوه ولم يبلغوه، فوعظهم الله في ذلك موعظة بليغة.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} إنكار على من يعد وعدًا أو يقول قولاً لا يفي به، ولهذا